«الشغلة طويلة»، هذا ما يصف به أحد مراجع 8 آذار الشغور الرئاسي. أما المواعيد التي تضرب، في نيسان المقبل أو غيره، فهي ليست أكثر من «تبصير» لا يستند الى أي معطيات. المعطى الوحيد الثابت ان التوافق المحلي والاقليمي والدولي مستمر على بقاء «التهدئة المضبوطة» حتى الآن. وهذا ما أكّدته «الأزمة» الحكومية الأخيرة بسبب الخلاف على آلية العمل الحكومي. إذ كان لافتاً أنها كانت من أقصر الأزمات التي واجهتها أي حكومة في السنوات العشر الأخيرة، وأن حلّها تم بسلاسة غير معهودة من الأطراف كافة، لإدراك الجميع أن «الستاتيكو» الراهن باق، وإلى أمد غير منظور.

وهنا، يُنقل أن مقربين من رئيس الحكومة تمام سلام سألوه أخيراً عما إذا كان عمر الحكومة «يحرز» أن يخوض معركة محاولة تغيير آلية عملها، فأجابهم: «معلوماتي أن الحكومة باقية ربما الى ما بعد سنة ونصف سنة من الآن»!

وتحت عنوان الاقتناع بأن «حلّ الملف الرئاسي ليس قريباً»، يندرج أيضاً حرص حزب الله وتيار المستقبل على إحاطة حوارهما بكل العناية اللازمة، وعلى عزله عن كل ما يمكن أن يؤثّر فيه. بحسب المصدر، «لم يكن الحوار لولا قناعة الطرفين بأن لا حلول قريبة لملف الرئاسة». في انتظار ذلك، فإن اللقاء مريح للطرفين لجهة تخفيف الاحتقان في شارعيهما، ومراكمة انجازات جزئية تنهي انعدام الثقة بينهما، وتعزّز تفاهمهما بما يُبنى عليه عندما تدق ساعة التسوية الاقليمية، وبما يسمح لهما بالتعامل مع أي تغير في المعادلات الاقليمية من موقع التقارب والتفهّم لا التنافر والتوتر.

يقول المصدر: «يدرك تيار المستقبل أن فريقنا مقتنع بأن لا رئيس للجمهورية ينسجم مع خيارنا السياسي إلا العماد ميشال عون أو النائب سليمان فرنجية. وندرك أن الفريق المقابل متمسّك بالتزامه بالخيار الآخر. بالتالي، المعركة معركة خيارات في انتظار من يبدّل قناعاته أولاً». ويضيف: «الكباش الحالي بين طرفين، عقائدي ومصلحي، بالمعنى السياسي. الأول لا يبدّل قناعاته، فيما الثاني قد يفعل عند تغيّر موازين القوى في لبنان والمنطقة»، نتيجة انعكاس أي اتفاق نووي ايراني ــــ أميركي تسوياتٍ في ملفات المنطقة من اليمن الى سوريا ولبنان، أو ربما نتيجة رهان على مغامرة اسرائيلية تقلب المعادلات.

في ما يتعلق بالعامل الاسرائيلي، هناك اقتناع لدى فريق 8 آذار بأن لا مقوّمات لأي مغامرة اسرائيلية في المدى المنظور. أولاً لأن خلاف رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو يحول دون إقدامه على ذلك، وثانياً، والأهم، لأن محاولة العدو، في عملية القنيطرة، الخروج من المعادلة التي حبسته فيها المقاومة انتهت بعد عملية مزارع شبعا الى معادلة أكثر صعوبة بالنسبة اليه.

أما في ما يتعلق بالاتفاق النووي، فرغم كل المؤشرات الايجابية التي تشيعها تصريحات المفاوضين الايرانيين والأميركيين، تتعاطى قوى الثامن من آذار مع هذه الأجواء بحذر، شأنها شأن قوى 14 آذار، وإن لاعتبارات متباينة. الأخيرة مقتنعة بأن لا اتفاق قريباً لأسباب داخلية ايرانية، فيما تقديرات الأولى، حتى الآن، أن احتمالات نجاح المفاوضات «نص ــــ نص»، من دون أن يعني فشل الاتفاق «آخر الدنيا بالنسبة الينا»، بحسب المصدر. ومردّ الحذر أن الايرانيين محكومون بالسقف الذي رسمه المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية السيد علي خامنئي بأن لا اتفاق من دون رفع كامل للعقوبات الأميركية على ايران، وهنا تكمن معضلة الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي قد يكون قادراً على رفع أي عقوبات رئاسية، أو إقناع المجتمع الدولي برفع العقوبات الدولية، إلا أنه سيصطدم حتماً بجدار الكونغرس الأميركي المعارض. ناهيك عن الحرب التي تخوضها دول الحلف المواجه واسرائيل للحؤول دون خواتيم سعيدة لهذا الملف. وهي حرب لن يستسلم هؤلاء فيها بسهولة، ويتوقّع أن تتسعّر على الأرض السورية عبر مزيد من الدعم للجماعات التكفيرية لاستثمارها ضدّ محور المقاومة.

كل هذه المؤشرات، بحسب المصدر، «تجعلنا، شئنا ام ابينا، في مرحلة انتظار، يعلم الله وحده كم ستطول. ولذلك: شغلة الرئاسة طويلة».