بلدة القاع، التي تقع في شمال بعلبك على الحدود اللبنانيّة-السوريّة، وهي آخر قرية على خط بعلبك حمص، ليست بعيدة عن أجواء المعركة التي يتم الحديث عنها في السلسلة الشرقية لجبال لبنان، لا سيما أنها منذ بداية الأحداث السورية كانت حاضرة في وسائل الإعلام، وهذا الأمر تفاعل مع محاولات المجموعات الارهابيّة المسلحة المتكررة الدخول إلى بعض أراضيها أو الإعتداء عليها.
يبلغ تعداد عدد سكان القاع نحو 13000 نسمة، لكن يقطنها منهم اليوم ما يقارب الألفين، بالنظر إلى الكثير من الأسباب الإقتصادية والإجتماعية، إلا أن ذلك لا يعني أنها ستكون ضعيفة في المواجهة، فأبناؤها المتواجدون خارجها حاضرون أيضاً للدفاع عنها على إختلاف توجهاتهم السياسية.
بالنسبة إلى جورج، أحد أبناء البلدة، المواجهة تقترب مع مرور الأيام، والمجموعات الارهابيّة في الجانب الآخر من الحدود كبيرة ولديها أسلحة متنوعة، من صواريخ الكورنيت والمحمولات وغيرها، فعناصرها يعملون على تحصين مواقعهم منذ بداية الأحداث في سوريا.
ويشير جورج، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن المواطنين في البداية لم يعطوا أهمية كبيرة لهذا الخطر الوجودي، لكن مع تطور الأوضاع تبدلت الأمور، خصوصاً بعد الإعتداءات ومحاولات التسلل التي حصلت.
بالنسبة له، هو جاهز منذ البداية، واليوم كل أبناء البلدة البقاعية جاهزون، خلف الجيش اللبناني طبعاً، فهم يعتبرون أنفسهم سنداً حقيقياً له في أي مواجهة، ويضيف: "العدو عدوا للجميع، يقتلك أو تقتله، ومن يأتي لمنزلك ليعتدي على عرضك لا يجب أن تقول له أهلا وسهلا، أرضنا غالية علينا ولن يستطيعوا العبور إلا على دمنا".
ويدعو جورج إلى عدم تحوير الموضوع، كما يحصل من قبل البعض، الرهان الأساسي على عناصر وضباط المؤسسة العسكرية، أما أبناء البلدة فهم خلفها، البعض منظم ضمن مجموعات، لا سيما "سرايا المقاومة" و"الحزب السوري القومي الإحتماعي" و"صقور القاع"، والبعض الآخر غير منظم لكنه مستعد للدفاع عن أرضه، ويختم: "واثقون من الإنتصار لا تقلقوا علينا".
من جانبه، يوضح كاهن الرعية الأب اليان نصرالله، في حديث لـ"النشرة"، أن "الوضع في النهار طبيعي أو شبه طبيعي، نسمع عبر وسائل الإعلام عن إستعدادات لمعركة في المنطقة، وطبعاً خلال السنوات السابقة كان هناك جو من القلق".
يشدد الأب نصرالله على أن الهاجس موجود طبعاً، لكنه يلفت إلى أن الجيش هو الضمانة الأساسية لأبناء البلدة والمنطقة، وإلى جانب الجيش شباب القاع يسهرون وهم جاهزون بشكل دائم على قدر الإمكانيات التي لديهم.
يطمئن الأب نصرالله إلى أن دخول المنطقة لن يكون أمراً سهلاً، بهمّة الجيش والشباب الحاضرين للدفاع عن أعراضهم، ويعرب عن أسفه من وجود أشخاص في العصر الحالي متخلّين عن إنسانيتهم بهذا الشكل، ويضيف: "لم نكن نتصور وجود بشر بهذه النوعية، وما نراه من جرائم لا يتوقعه عقل".
بدوره، النائب عن "الكتلة القومية" مروان فارس حاضر في البلدة بشكل دائم في نهاية كل أسبوع، من منزله المواجه للسلسلة يبدأ بالحديث عن الأوضاع الأمنية في المنطقة، ويضع خطاً واسعاً لهذه الأزمة: "بعض الدول الخليجية والغربية ترسل الأموال إلى المسلحين أو إلى النازحين على شكل مساعدات، لكن السؤال الجوهري هو عن سبب عدم ذهابها نحو الحل السياسي لوقف المعركة المفتوحة على الدولة السورية".
بالنسبة إلى النائب فارس، لا مخاطر ولا خوف في المنطقة، هي محمية جداً، الجيش اللبناني موجود، والقوى الفاعلة موجودة، والأهالي لن يتركوا أرضهم، ويرى أن من الواجب على الحكومة كان قبول المساعدات العسكرية من كل الدول الراغبة، ويستغرب عدم الموافقة سريعاً على الهبة الإيرانية، مع العلم أن طهران أعلنت أنها تنتظر فقط إتصالاً من الجانب اللبناني.
من وجهة نظر النائب فارس، بعد سقوط بلدتي رنكوس وفليطا بيد الجيش السوري أصبحت المعركة محدودة، لكن الأخطار موجودة بحال حصول هجوم كبير من جانب وادي رافق، ويلفت إلى أن المسلحين يتمركزون في مغاور قديمة، موجودة منذ سنوات، وبعضها كان يستخدم سابقاً من قبل فصائل فلسطينية.
ويشدد النائب فارس على أن القضية ليست مذهبية أو طائفية ولن تكون، ويتحدث عن جهوزيّة عالية لقدوم مواطنين من مختلف قرى البقاع إلى إحدى البلدات عند ورود معلومات عن إحتمال حصول إعتداء، ويضيف: "أبناء البقاع الحاضرون دوماً للدفاع عن كل الوطن، لن يتركوا أرضهم".
في ختام الجولة في بلدة القاع، لا يخرج الزائر بطابع القلق، فالمعنويات مرتفعة والإستعدادات حاضرة، والإصرار على الإنتصار في المعركة في حال المواجهة كبير جداً.