جدار، وجدار، وجدار وبقايا جدار تهدم على مراحل متتالية، فيما أنت تنظر بعينيك الكفيفتين الى ما أقرب من أنفك، بل تنظر والبسمة ترسم الزمن الغابر وكأن شيئًا لم يكن، فسياسة البسمة لم تنفك تغادر أو تسافر عن وجهك الشاحب، بل جعلت منه موطنا لكل عابر بل لكل غبي لا يفقه معنى ...، أو بالأصل لا يقفه (والبسمة الآن على وجهي تحولت الى استهزاء في لحظة كتابة وكأني أملك مشاعر البشر أو أحاسيس الناس بل سأهوي عليها بقليل من امراض النفس الدفينة، لا لتغيير أحد معاذ الله بل أريد أن أفتح نافذة غرفتي السوداء قليلا لعلي أرى وميض الضوء ذاك).
لكل إنسان يتنفس عالم غير الذي نموت فيه، عالم مليء بما نحب، وليس بما نهوى فالعشق في الوهم مجرد إحياء ميت مجرد سراب، فالغرفة السوداء مهما رسمت على جدرانها بلون فكرك (الاسود) لن يراها أحد، وكأنك تسقي الماء ماء، لحظة أتسمح لي بسؤال وأكثر؟ اتسمح أن أسألك أن تصف من أنت؟ هل يمكن أن تفعل ما تقول بحق نفسك؟ هل يمكن أن تبتعد عن صفحات الوهن تلك وأن تكتب بما لا تفكر؟ فبكل بساطة كل ما فكرت فيه يمكن أن تجعله يسير على قدميه ببعض أحرف منمقة نحتها بأدق معنى وهدف، ولكن هل يمكن أن تكتب بحبر غرفتك السوداء على تلك الصفحات؟ ... أستبعد ذلك فالنرجسية اقتلعت من ثنايا عقلك ما تقول عنه تواضع.
"أنا" ، ثلاث أحرف غيرت حضارات وأبادت شعوبًا، "أنا" ثلاثة احرف قتلت مشاعر بل فيها الأحاسيس تذوب ، "أنا" ثلاث أحرف لكل حرف منها غرف سوداء خبأت الماضي والحاضر، بل توقعت المستقبل وعاشت فيه، بل قضت على أحلام كل طامح وبنت امبراطوريات كل طامع، لكن فالتعلم، والتسمع، "أنا" ليست ملكًا لك، وليست حكرًا لاحد ، بل هي ملك الأعلى ملك من لم يكن له كفوا أحد، فبعد كل ذلك تعقل أطلب من نفسك ما تطلبه من أنيسك، أطلب من غده ما تطلبه من غدك، أطلب من أنفاسه ما تتنفس منه أنت، واجعل كلمة "أنا" مجرد عبور الى الخلاص ، ولا تستعبد بـ"أنا" الناس، حيث لا يبقى من حلمك أو قصرك الواهي سوى ما بدأت به من كلام المقال ، مجرد جدار وجدار وجدار أما الآخر فقد تهدم، حتى تلك الغرفة السوداء لا يبقى منها شيء سوى لوحة واحدة كتب عليها،كانت هنا غرفة سوداء ..."وبقايا أنا".