ادلاء رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بشهادته أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان فتح نقاشاً سياسياً محليّاً بين المتحاورين من "حزب الله" و"تيار المستقبل" وبين كل فريق من المتحاورين.
فالسنيورة لم يبح بما هو جديد وما قاله في المحكمة كان ليكون طبيعياً لو أتى بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، غير أن ما يجري اليوم من حوار جدّي يضع شهادة السنيورة في خانة العرقلة خصوصاً أنه كان قادراً على تفادي الادلاء بشهادته أو على الأقل تأخيرها.
المطّلعون على أسباب موافقة ادلاء السنيورة بافادته في هذا الوقت بالتحديد يؤكّدون سعيه والفريق الذي ينطوي تحت قيادته في "تيار المستقبل" الى عرقلة الحوار القائم بين جناح رئيس الحكومة السابق سعد الحريري و"حزب الله" منعاً لاعطاء الأخير صكّ براءة على كل ما أدى الى اضعاف "تيار المستقبل" في لبنان منذ اغتيال الحريري الأب.
والانقسامات في "تيار المستقبل" باتت واضحة:
- جناح السنيورة الذي يضم اليه (وزير العدل أشرف ريفي الى النواب أحمد فتفت، جمال الجراح وغازي يوسف)
- جناح الحريري (نادر الحريري ووزير الداخليّة نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر بالاضافة الى النائب السابق غطاس خوري)
هذان الجناحان في التيار الأزرق يحاولان تسجيل النقاط وان كان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري يملك النفوذ الأكبر في السعودية كونه ابن الشهيد. غير أن النائب فؤاد السنيورة يعرف أكثر من الحريري كيفية ادارة اللعبة السياسية في لبنان، ويملك من خلال علاقاته السياسية الكثيرة في لبنان والعالم مفاتيح اللعبة السياسية والدليل على ذلك قدرته حتى اللحظة عرقلة وصول النائب ميشال عون الى رئاسة الجمهورية على الرغم من رغبة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري و"حزب الله" وكل قوى الثامن من آذار مجتمعة.
ومن ايجابيات ادلاء رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بشهادته أن لا خوف على الاستقرار في لبنان من جراء استمرار المحكمة الخاصة بلبنان. فصقر الشهود لم تحدث شهادته توتّراً كبيراً في الأجواء والردّ عليها لم يوتّرها أيضاً كونه كان متوقّعاً.
ومن الايجابيات أيضاً أن السنيورة لم يعد الممسك الوحيد بزمام الأمور في "تيار المستقبل"، وعلى الرغم من تأثيره الكبير كمعطّل للكثير من توجّهات سعد الحريري غير أنه لا يقدر على أخذ التيار الأزرق الى حيث يشاء، ومن هنا صعوبة تبنّي "تيار المستقبل" موقفاً رافضاً لاستمرار الحوار مع "حزب الله" على الرغم من الاتهامات الصاخبة التي وجّهها السنيورة الى الحزب في لاهاي.
أما في ما خص المحكمة الخاصة بلبنان فالشهادة المؤثرة لبنانياً والتي ينتظرها اللبنانيون وغير اللبنانيين هي شهادة رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط والتي قد تفاجئ الجميع. ومن المتوقّع أن يدلي بشهادة عاطفية مؤثرة يصوّب فيها على نظام الأسد من دون الهجوم على "حزب الله" الأمر الذي لن يؤثر أيضاً في توتير الأجواء السياسية في لبنان.
المحكمة اذا ماضية في عملها وقد مر على تأسيسها عشر سنوات. غير أن السنوات العشر لم تقدّم أي جديد على الخارطة السياسية اللبنانية وما رافق قيامها من أحداث في المنطقة جعل وهجها يخفت رويداً رويدا. وشهادة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة لن تعيد مشهدها الى ساحة الشهداء في بيروت ولن تفرض على "حزب الله" اعادة حساباته في السياسة اللبنانية الداخلية، جلّ ما ستفعله هذه الشهادة أنها ستزيد من الضغط على رئيس الحكومة السابق سعد الحريري تجاه محاوريه خصوصاً وأنه بات يحنّ الى السراي الكبير.
في الخلاصة، ان ما يمكن أن يعرقل الحوار السنيّ-الشيعيّ في لبنان اليوم ليست شهادة من هنا أو موقف من هناك بل ما يحدث في اليمن والبحرين وما قد تؤول اليه التطورات العسكرية. فايران الوحيدة القادرة على اعادة خلط الأوراق ورد صاع السعودية للحوثيين في اليمن صاعين في لبنان.