لم يخطئ المخرج السوري نجدت إسماعيل أنذور في اختيار اسم فيلمه الذي قضّ مضاجع آل سعود؛ "مملكة الرمال"، وهو الفيلم الذي هزّ هذه العائلة، ومملكتهم، وجعلهم يرسلون رسائل غير مباشرة إلى دمشق يرجون فيه عدم عرض الفيلم. أتذكّر أنني حضرتُ العرض الأول لهذا الفيلم في دمشق وقذائف الحقد "الوهابي" تسقط بالقرب من "دار الأوبرا"، ومع ذلك كان السوريون مصرّين على التمتع بهذا الفيلم الذي هزّ مملكة.. وبالمناسبة، لا يرعب آل سعود شيء في الكون كما ترعبهم الكلمة، والفنّ، والكتاب، والمسرح، والشعر، والصحافة، ولهذا اتخذوا قراراً تاريخياً برمي المناضل العربي الكبير ناصر السعيد من الطائرة ليتخلّصوا من "إثم" كلماته، ومن كتابه الشهير "تاريخ آل سعود"، لكن دمه ظل يلاحقهم حتى أيامنا هذه كما ستلاحقهم دماء السوريين، والعراقيين، والبحرينيين، واليمنيين، وغيرهم الكثير من أبناء الشعوب العربية والإسلامية الذين سُفحت دمائهم بمال النفط والغاز على مدى عقود من الزمن..
قصة آل سعود هي قصة عقم حضاري تحوّل إلى عبء على الحضارة الإنسانية.. هي قصة عقلية قرون وسطى تريد أن تقول لنا إن "الوهابية" هي اختراع مبتكَر عليكم اتباعه، ودراسة قصص نجاحاته في العالم التي تظهر لنا الآن في "داعش" و"النصرة"، وغيرها من منتجات آل سعود الحضارية.. والطريف في الأمر أن مملكة الرمال هذه تتحدث عن حرية الشعب السوري منذ أربع سنوات، وتنفق المليارات من الدولارات على قتله وتدميره، وفي نفس الوقت ترتعد خوفاً من صحيفة "الأخبار" اللبنانية لأنها تكتب بجرأة وشجاعة عن حقيقة عدوانها على الشعب اليمني البطل، عبر سياسة كمّ الأفواه، وعبر البلطجة والتهديد والوعيد..
باختصار شديد، إن مملكة ترتعد من فيلم سينمائي، ومن صحيفة، ومن مقال، ويحرد وزير خارجيتها في أعلى منبر دولي في الأمم المتحدة عن مخاطبة العالم بالكلمة، هي مملكة لا تستحق تسمية أفضل من مملكة الرمال، و سلاحاً أمضى من الكلمة الحرة كي تسقط..