ليست المفاجأة أن يقوم وزير العدل أشرف ريفي بالطلب الى السفير السعودي علي عواض عسيري الضغط على وزير الداخلية نهاد المشنوق بهدف تصعيد مواقفه تجاه "حزب الله"، بل المفاجأة أن ينجرّ المشنوق وأيا كان المحرّض الى بلوغ هذا السقف من الخطاب.
فوزير الداخلية أتى برضى "حزب الله" وزيراً لحقيبة أمنية هامة وهو استطاع أن يتمايز عن فريق رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة في مواقفه التي كانت أقرب الى الوسطية ما حدا بالكثيرين من صقور التيار الأزرق الى الاستياء من مواقفه. ولكن لموقف المشنوق أسباب عديدة تتعلّق بقراءته الخاصة للاتجاه السياسي الذي ستتخذه الأحداث المقبلة وبناء على ذلك عليه أن يبقى رقماً صعباً في اللعبة السياسية خصوصا وان رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري لا يزال غير مرحّب به على رئاسة أي حكومة مقبلة ما لم يتم التوافق على رئيس جمهورية.
المقرّبون من المشنوق يؤكدون أن السعودية ستتابع تصعيدها باتجاه "حزب الله" وأن الاخير سيتجاوز الخطوط الحمر ولا مجال في هذا الاطار أن يقف المشنوق أو غيره من "تيار المستقبل" موقف المتفرّج، وعليه ركوب القطار السعودي، لأن في الوسطية مقامرة أكبر وأخطر قد تضعهم خارج اللعبة السياسية جرّاء أي تسوية مقبلة.
والجدير بالاشارة أنّ موقف المشنوق قد يعيد الخطة الأمنية الى نقطة الصفر وقد يزيد من التشنّج بين فريق "حزب الله" وشعبة المعلومات هذا ان بقي الحوار قائماً بعد المواقف التي قد تصدر في الأسابيع المقبلة. وعلى الرغم من جهود رئيس مجلس النواب نبيه بري لمنع فرط عقد الحوار الا أن التصعيد سيتجاوز قدرة الأستاذ وغيره على ضبط الأمور، خصوصا وأن التذكير بالسابع من أيار عاد وعلى لسان وزير الداخلية نفسه.
ويذكر المقرّبون أن عدم تصعيد المشنوق كان سيدفع وزير العدل أشرف ريفي ورئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة الى تسجيل نقاط الولاء للمملكة العربية السعودية على حساب المشنوق الطامح الى رئاسة الحكومة.
في المقابل، تبدي مصادر في "8 آذار" استياءها من مواقف وزير الداخلية المفاجئة، معتبرة أنه كان بامكانه انتقاد "حزب الله" من دون التربّع على عرش الممعنين في الشتم. وترى أنه يملك من الحكمة ما يجعله يرضي السعودية ولا يغضب الحزب، جازمة أن لموقفه حسابات سياسية شخصية قد يكون قرأها خطأ هذه المرة وأطاح بما كان قد وصل اليه من ايحاء بالثقة لفريق الثامن من آذار. وتشير المصادر الى أن انتقاد المشنوق لايران يبرّر في السياسة، أما هجومه على الحزب بلهجة تصعيدية فلن يمرّ مرور الكرام.
الى ذلك فان ما فعله وزير الداخليّة رهن بالتطورات الساسية المقبلة وما زيارة السفير السعودي علي عواض عسيري وزارة الداخلية سوى رسالة شكر وامتنان من المملكة على مواقفه الأخيرة.
أما بعد، فـ"عاصفة الحزم" تشعل بنيرانها اليمن وشظاياها تدمي الجسم السياسي اللبناني، تماما كما يحصل في الميدان السوري وفي أي صراع في الشرق الأوسط حتى بات لبنان مركزا لهذه الصراعات بعد أن كان ملتقى الحضارات.