منذ لحظة الإعلان عن عملية "عاصفة الحزم" في اليمن، بدأت بعض أوساط المعارضة السورية تراهن على تكرار الأمر نفسه في سوريا، من دون البحث عن المعطيات التي تشجع الرياض على القيام بهذا الأمر، أو تمنعها من ذلك، لا سيما في ظل العجز عن تحقيق أي تقدم فعلي في مواجهة حركة "أنصار الله"، وبدء الحديث عن الرهان على تسوية سياسية تنقذها من "الغرق" أكثر.
الرهانات المعارضة ليست بجديدة. منذ البداية كانت الأصوات ترتفع مطالبة بتدخل عسكري خارجي، إقليمي أو دولي، لكنه لم يأت إلا على شكل تحالف دولي حدد هدفه محاربة "الإرهاب"، بالتنسيق مع الحكومة السورية في بعض الأماكن، فما الذي تغير لكي تعود قوى المعارضة إلى الحديث نفسه؟
المعلومات التي يجري التداول فيها حالياً، تتحدث عن الرهان على التقارب السعودي التركي، بوساطة قطرية، من أجل صناعة "عاصفة الحزم" بنسختها السورية، إنطلاقاً من نظرية محاربة "النفوذ الإيراني"، التي تروج لها الرياض في هذه الآونة، مصدرها الأساس كان تحليل صحافي في إحدى الصحف الغربية، إلا أن بعض المعارضين السوريين بدأوا بالحديث عن الأمر كأنه حاصل حتماً.
عضو "الإئتلاف الوطني السوري" المعارض عبد الباسط سيدا يؤكد في حديث لـ"النشرة" عدم وجود أي شيء رسمي بهذا الخصوص، بالرغم من إعترافه بالتداول به في بعض الأوساط.
من وجهة نظر قوى المعارضة، يشرح سيدا أن الأزمة اليوم لها ثلاثة أبعاد، داخلي محلي غير فاعل، دولي لا إمكانية لحصول شيء حاسم فيه بسبب الموقفين الأميركي والروسي، وإقليمي ينتظر التوافق السعودي التركي، ويرى أن نجاح التقارب بين أنقرة والرياض قد يؤدي إلى متغيرات كبرى على صعيد المنطقة.
ويرى سيدا أن ما حصل في اليمن يأتي في سياق تفويض أميركي لقوى إقليمية بإدارة النزاعات، بحيث لا تكون الولايات المتحدة فريقاً مباشراً فيها، لكنه يقرّ بأنّ إحتمال نقل التجربة إلى سوريا قد لا يكون بالأمر السهل.
من جانبها، تسخر مصادر سورية معارضة، من خارج "الإئتلاف الوطني"، من هذا السيناريو، وتدعو، عبر "النشرة"، إلى التعاطي بواقعية مع المعطيات الإقليمية والدولية، وتشبّه الأمر بحديث قائد ما يسمى بـ"جيش الإسلام" زهران علوش عن إرساله مقاتلين إلى اليمن، وتدعو إلى توجيه البوصلة نحو السعي إلى توحيد الرؤية والإهتمام بالنازحين في البلدان المجاورة، إلا أنها لا تتردد في القول صراحة بأن هناك من يسعى إلى "المتاجرة" بالمواقف.
بالنسبة إلى هذه المصادر، قبل الحديث عن "عاصفة الحزم" السورية ينبغي طرح بعض الأسئلة، أولها عن مدى نجاح التجربة اليمنية في تحقيق الأهداف التي وضعت لها، بعد أسابيع من الضربات الجوية، خصوصاً أن حلفاء الرياض يتهرّبون من إرسال قوات برية إلى "المستنقع"، وثانيها الموقف الدولي، لا سيما الروسي، الذي لم يعارض صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع، في حين هو خاض معارك دبلوماسية من أجل منع حصول هذا الأمر في الملف السوري، وثالثها هو توجه بوصلة الأحداث السورية نحو محاربة التنظيمات المتطرفة.
من ناحية أخرى، تشدد المصادر السورية المعارضة على أن السؤال المركزي هو عن الجهات التي ستتعامل معها الضربات الجوية على الأرض، إلا إذا كان الرهان على جبهة "النصرة" سيبقى طاغياً، الأمر الذي تستبعده مبدئياً بالرغم من الجهود القطرية الحثيثة، خصوصًا أنّ عناصر الجبهة لن يستطيعوا تقديم شيء فعليًا.
بدوره، يعترف سيدا بوجود جهود إقليمية ومحلية هدفها إبعاد "النصرة" عن "القاعدة"، تقوم على أساس أن أغلب عناصرها من السوريين الذين قاتلوا في معارك ضد النظام، ولم يشكلوا عبئاً كبيراً على "الثورة".
ويلفت سيدا إلى أن الجهود تبذل لإبعادها عن المشروع الذي يتناقض مع تاريخ السوريين وعاداتهم، ويشير إلى أن إحتمال نجاحها وارد، لكن القضية تتوقف على مدى جدية المجتمع الدولي والإقليمي في تقديم الدعم، حيث يؤكد أن الكثير من عناصر الجبهة سوف يعدّلون موقفهم بحال وجدوا الدعم اللازم، ويرى أن النجاح في تحقيق هذا الهدف سوف يشكل نقلة مهمة، من خلال إعادة "الثورة" إلى صورتها الأساسية بعيداً عن الإرهاب والتطرف.
في الختام، تعود المصادر السورية المعارضة إلى التأكيد على أن اليمن يختلف عن سوريا، بالنسبة إلى الرياض. ففي صنعاء هناك تهديد أمني يعترف به أغلب العاملين على الساحتين الإقليمية والدولية، لكن في دمشق العالم قلق من تنامي الجماعات الإرهابية، خصوصاً تنظيم "داعش"، وتدعو المصادر إلى عدم بيع الشعب المزيد من "الأوهام".