أسف امين عام المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية الشيخ محسن الاراكي للاوضاع الصعبة التي تمر فيها المنطقة، معتبرا ان تكاتف قوى الشر والظلامية لا بد وان يواجه بمزيد من التقارب.
وفي حديث لـ"النشرة"، أشار الأراكي الى ان ما وصفه بـ"العدوان السعودي الاميركي على اليمن" لا يستهدف مذهبا معينا بل يهدف الى قهر الشعب اليمني والسيطرة عليه، لافتا النظر الى ان المال السعودي والخليجي يمول الارهاب والشر في العالمين العربي والاسلامي.
اليمنيون يواجهون العدوان معا
وكشف الشيخ الاراكي ان الاكثرية القاطعة من السنة في اليمن تقف الى جانب جماعة "أنصار الله"، فالشعب اليمني بأغلبه يقف متحدا لمواجهة العدوان، ما عدا حفنة يسيرة تقف الى جانبه وهي لا تختص بمذهب دون أخر وهم من استطاع المال السعودي ان يشتريهم، مشيرا الى ان من وصفه بـ"اساس الفتنة"، في إشارة إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي، ليس سنيا بل شيعي زيدي.
وأوضح الشيخ الاراكي أنّ "القضية في اليمن ليست خلافا بين السنة والشيعة بل هي ان قوة معتدية تريد السيطرة على ارادة الشعب اليمني ومقدراته وتخدم المشروع الاميركي الاسرائيلي"، مشيرا الى ان هذا المشروع يواجه مقاومة شرسة من قبل اليمنيين، متوقعا ان يكون لهذا العدوان أثر إيجابي في المستقبل بحيث ستتوحد كلمة الامة اكثر مما سبق وستزداد القناعة بأن الدعوة الوهابية ليست الا دعوة تفرقة وهي سبب الفساد في العالم الاسلامي.
الارهاب ممول من السعودية
وفي سياق متصل، أكد الشيخ الاراكي ان المال السعودي وبعض دول الخليج مثل الامارات والكويت والبحرين وقطر، يُصرَف في سبيل نشر الفساد والارهاب، مذكّرًا بالحرب العراقية على ايران والتي اتت بتمويل سعودي.
وتطرق الشيخ الاراكي لما جرى ولا يزال في افغانستان من حروب بين المكونات الاسلامية بتمويل خليجي، كذلك في باكستان التي ابتليت بالارهاب من نفس المصدر، فبدل ان تكون هي من ابرز الدول القوية الداعمة لفلسطين اصبحت اليوم مشتتة تعاني من النزاعات الداخلية.
ورأى أنّ "نفس الامر جرى في سوريا حيث افسد المال الخليجي والسعودي تحديدا سوريا واشعل فيها الحروب، كذلك في مصر التي ثار شعبها ثورة حق يومها بينما اصبحت اليوم ميدان حرب ضد الارهاب"، لافتا النظر الى ان "مصدر كل تلك الاموال الطائلة التي يمول الارهاب عبرها هو السعودية ومن معها من دول خليجية". وسأل الشيخ الاراكي في سياق حديثه عن الارهاب وتمويله عن ممول تنظيم "داعش" والتنظيمات الارهابية الاخرى، معتبرا انه لم يعد خافيا على احد اليوم من هو هذا الممول، متطرقا ايضا الى الوضع الليبي الذي لا يختلف عن الدول التي سبق واشار اليها في حديثه.
ايران رابحة بإتفاق نووي او بدونه
من جهة ثانية، رأى الشيخ الاراكي ان الحوار الايراني الاوروبي هو بشكل عام لمصلحة الجمهورية الاسلامية الايرانية، سواء انتهى لاتفاق ام لم ينته، فإيران ان وقعت الاتفاق حسب الاراكي ستقوم بتطوير نفسها ومقدراتها وتقوية اقتصادها، وتفتح ابواب العالم عليها، اما اذا لم توقع الاتفاق فإن العالم بأجمعه سيعلم ان ايران بذلت اقصى الجهود عبر حوار منطقي على اساس القيم الانسانية والقوانين الدولية، وان من لا يعمل بالمنطق هم من يعادون ايران من الدول الرافضة للحوار والاتفاق. واضاف: "حتى لو لم يتم الاتفاق فإن ايران ستستمر بمسيرتها نحو التقدم والتطور العلمي والاقتصادي والنووي وستستمر في بناء البلد ونشر العلم في كل شبر من ارضها".
حالة المنطقة الصعبة نبهت الحكماء لضرورة الوحدة
وفي اطار عمله كأمين عام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، رأى الاراكي ان الحالة الموجودة اليوم في منطقتنا تنطوي على جانب سلبي واخر ايجابي، فالجانب السلبي هو ان قوى الشر في العالم الاسلامي تكاتفت لخلق الازمات والحروب والفرقة، واستندت في ذلك على حجج متنوعة ابرزها حجة الاختلاف المذهبي، معتبرا ان استخدام عامل الدين لنشر الفرقة هو ابرز انواع الاسلحة المستخدمة في حروب اليوم، بالاضافة الى اسلحة اخرى سياسية واقتصادية وقومية وجغرافية.
أما الجانب الايجابي فهو حسب الشيخ الاراكي يتمثل بأن حكماء العالم الاسلامي تنبهوا جراء هذا الواقع لضرورة توحيد كلمة المسلمين. وقال: "كانت هناك نداءات تدعو للوحدة ولكنها لم تلق صدى بين المسلمين واهل الثقافة والوعي، ولكنها اليوم بدأت تسمع كثيرا من قبل اهل الاصلاح لمواجهة التيارات التكفيرية والمؤامرات التفريقية التي تثير النزاعات بين المسلمين، وهذا ما يزيدنا املا بأن مستقبل العالم الاسلامي سوف يتجه نحو الوحدة والتقريب".
أنعم الله بالوئام على اللبنانيين.. فليتمسكوا به
وشدد الشيخ الاراكي اخيرا على اهمية النعمة التي منّ الله على الشعب اللبناني بها، وهي نعمة الوحدة والوئام والوفاق، معتبرا انها من افضل نعم الله على الشعوب، داعيا اللبنانيين للتمسك بهذه النعمة. وقال: "لبنان هو ارض الوحدة ونحن نضرب به المثل، ونتمنى ان يزداد اتحادا ورقيًا ليرتفع الشعب ويصل للمكان اللائق به".
أجرى المقابلة محمد علوش
تصوير محمد سلمان