يتلقى جمهور "حزب الله" وقيادته كلام الرئيس سعد الحريري و"تيار المستقبل" بانزعاج وكذلك السهام التي يوجّهها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في اتجاه السيد حسن نصرالله وآخرها من نوع "شو صاير عليك"، في معرض رده على صديقه الذي يهاجم السعودية وقيادتها على تدخلها في ازمة اليمن.
ولم تتأخر الماكينة السياسية والاعلامية في الحزب في الرد على الحريري والرياض وكل من يتحالف معها في "عاصفة الحزم"، الا انها تتمهل في الخوض مع جنبلاط في مواجهة جديدة، ولا سيما بعد العلاقة التي جرى نسجها بين الطرفين بعد 7 ايار 2008 حيث جرى رسم قواعد "خريطة طريق" تحكم العلاقة بين المختارة وحارة حريك والتي جرى بناؤها على قاعدتين مع احتفاظ كل واحد بمواقفه السياسية، وهذا ما عملا على تثبيته في اللقاءات والرسائل التي تمت بين الطرفين، والتي تركز على:
- عدم انضمام جنبلاط الى أي تحالفات داخلية ضد المقاومة او التصويب على مشروعها.
- ترك الحرية لكل طرف في التعامل مع الملف السوري الشائك، وليقل كل واحد كلمته ويعبر عن رأيه في ما يحدث على ارض هذه البقعة الملتهبة. ولم يقصر جنبلاط في هذا الخصوص بدليل "الغزل" الذي يعكسه حيال "جبهة النصرة".
وجاء الحدث اليمني ليظهر التباعد في الرؤية بين نصرالله وجنبلاط، وتأييد الثاني لخيار السعودية في هذه المواجهة واعلانه رفض مشروع ايران وسياساتها في المنطقة وعودته الى الحديث عن "الفرس وأطماعهم" وفتح صفحات التاريخ الغابرة لأحلام الامبراطورية الفارسية.
لا يزال كلام جنبلاط في دائرة مختبر "حزب الله" ولم تعطِ قيادته الاذن لأي نائب أو مسؤول فيه للرد عليه، لاعتبارات عدة تحكم الستاتيكو القائم بين الطرفين في الأعوام الأخيرة، والذي لم تتدحرج أحجاره على الرغم من خلافهما حيال الحرب الدائرة في سوريا.
وحلّت مادة اليمن على لائحة امتحان العلاقة بين الفريقين فيما يرى الحزب ان جهات سياسية ودينية عدة في البلد طلبت منها المملكة الاستنفار والرد على نصرالله والتطاول عليه شخصياً. وحمل كلام جنبلاط مضموناً سياسياً خطراً حيال الحزب ومسّه بالخطوط الحمر التي رسمت بعد 7 أيار الشهير. وان كان ثمة من يفسر ان عبارة "شو صاير عليك" الموجهة لنصرالله قالها جنبلاط من باب المودة، وكأنه يرددها أمامه في جلسة تجمعهما، إلا ان أنصار نصرالله لم يتقبلوها او يستسيغوها.
وبعد "الكلام اليمني" لجنبلاط، سيتروّى الحزب قبل الرد علماً أنه لا يخفي انزعاجه من الموقف المنحاز للرجل، ووقوفه بالكامل الى جانب السعودية وعمله على نسف وسطيته وتقديم أوراق اعتماد جديدة للرياض التي لم تغفر له وقوفه الى جانب الرئيس نجيب ميقاتي ودعمه لحكومته ومعارضته خيار "تيار المستقبل" آنذاك.
وثمة من يشبّه ايضاً موقف جنبلاط الاخير بما قاله خلال الحقبة التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري وخطاباته النارية التي قالها في حق الرئيس بشار الاسد ونصرالله، ويسأل: "هل يستطيع اليوم تحمل تبعات هذه الانعطافة الجديدة؟".
بعد هذا التطور بين جنبلاط و"حزب الله"، فان الاخير لن يرد عليه في الوقت الراهن، وسيرمي عليه "الحجة" في المستقبل في حال تكراره لهذه المواقف التي قد تحرق المراكب المشتركة بينهما.
ويعتقد مطلعون هنا ان الكلام الذي قاله الحريري في حق "حزب الله" وايران لن يصل الى قطع خيوط الحوار بينهما في عين التينة، فكيف الحال بجنبلاط الذي يعبّر عن رأيه في ملف اليمن وانتقاده ايران، فيما ينتقد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، من واشنطن، سياسة طهران ويدعوها الى احترام سيادة بلده.
وفي المقابل، لا يتوقع جنبلاط حصول أزمة بينه وبين "حزب الله"، ولا يزال على مواقفه. ويذكره بقوله لـ"النهار" أن يقرأ جيداً الدعم الايراني المطلق للنظام السوري والذي سيدمر سوريا، وان هذا المشروع سيأخذ هذا البلد الى المزيد من الركام والدمار الكاملين.
أنت متهم بمغادرتك وسطيتك يا وليد بك؟
يرد عبر الهاتف: "أليس من حقنا أن نناقش ونعترض على دعم ايران لأقلية (الحوثيين) في اليمن؟ ولماذا كل هذا الانفعال على السعودية؟ ايران ليست على حدود اليمن، وثمة علاقات تاريخية تربط الاخيرة بالمملكة وأمنهما المشترك منذ اعوام طويلة".
ويضيف: "أليس من حقنا أن نناقش ونعترض ونقدّم وجهة نظرنا في الاعلام؟ ولماذا لا نبقي على الحوار وحرية الانتقاد؟".
وختاماً، يدعو جنبلاط قيادة الحزب الى قراءة مقابلته الاخيرة جيداً في "اليوم السابع" المصرية.