يتألف المجلس الوطني للمقالع من وزير البيئة رئيسا، وفي حال غيابه مدير عام وزارة البيئة، وتتمثل فيه وزارات عدة بموظفين من الفئة الثانية على الاقل، ويتولى المجلس مهمة تنظيم المقالع والكسارات على انواعها عبر اعطاء التراخيص للمشاريع التي تتوافق مع الشروط البيئية المفروضة بالاضافة الى ما نصت عليه المادة السادسة من المرسوم 8803 عام 2002(1)، وهذا يعني ان المجلس هو صاحب السلطة في هذا القطاع ومن واجبه السهر على حسن سيره نظرا لما يحمله من اهمية بيئية للبنان بكامله. فهل يعمل هذا المجلس كما يجب؟
تنص المادة الرابعة من المرسوم رقم 9222 الصادر عام 2002(2)والذي يتحدث عن النظام الداخلي للمجلس الوطني البيئي على ضرورة انعقاده مرة واحدة كل اسبوعين على الاقل، ولكنه حسب معلومات "النشرة" لا يلتئم الا نادرا، وهذا الامر بدأ مع الوزير الاسبق محمد رحال الذي اشتهر عهده بتمرير رخص موقعة منه وحده، ضاربا بعرض الحائط كل القوانين والاصول، واستمر بعهد الوزير المحسوب على الرئيس السابق ميشال سليمان، ناظم الخوري الذي استمر ايضا بنهج اللامبالاة للقوانين وذلك خدمة لمصالح خاصة ابرزها استخراج الرمل في حراجل وميروبا ولاسا من قبل مقربين جدا من سليمان، ويبدو ان هذا النهج مستمر بعهد الوزير الحالي للبيئة محمد المشنوق الذي لم يُعقد المجلس الوطني للمقالع بعهده سوى بضع مرات يمكن عدّها على اصابع اليد، بينما كان من المفترض ان ينعقد اكثر من 28 مرة. وهنا تشير المصادر الى ان الوزير يعقد اجتماع المجلس عند الضرورة بالنسبة له، اي عندما يحتوي جدول الاعمال على ملف بحاجة لأن يُقرّ، معتبرة هذا الامر مخالفا للقانون الواضح من جهة ومؤذيا للمواطنين الذين يقدّمون طلبات مقالع او كسارات وينتظرون الرخص.
كما تلفت المصادر النظر الى مسألة لا تقل اهمية عن عدم انعقاد المجلس وهي عدم السماح لمدير عام وزارة البيئة بالمشاركة بالاجتماعات او ترؤسها بحال غياب الوزير، مع الاشارة الى ان مشاركته ملحوظة بالقانون عبر المادة الاولى من المرسوم رقم 2433(3)التي تحدد تعويض حضور جلسات المجلس الوطني للمقالع لرئيس واعضاء وامانة سر المجلس ومن ضمنهم مدير عام وزارة البيئة بحال حضر بصفته العادية ام بصفة رئيس المجلس، ولذلك فإنّ السؤال هنا من ولماذا يُمنع مدير عام البيئة بيرج هتجيان من حضور اجتماعات المجلس الوطني للمقالع؟ هذا السؤال امتنع هتجيان عن الاجابة عليه عندما حاولت "النشرة" الأخذ برأيه حول الموضوع، مع العلم ان محاولات ضرب موقعه كمدير عام البيئة لم تبدأ اليوم بل هي عملية قديمة يستكملها كل وزير فور توليه موقع الوزارة.
وزير بيئة يطلب ردم البحر!
من باب المجلس الوطني للمقالع ندخل الى قضية اخرى مرتبطة وهي قد تكون سابقة في وزارات البيئة عبر العالم، وهي ان يدعو وزير البيئة لردم البحر لإنشاء مطمر للنفايات. هذا ما طلب فعله المشنوق من مجلس الوزراء في الكتاب الذي رفعه للحكومة في السادس من شباط الماضي حيث طلب تخصيص الموقع على الساحل مقابل الكوستا برافا ليكون بديلا عن مطمر الناعمة عين درافيل الذي سيغلق في 17 تموز من العام الجاري، في تكرار لسابقة مكبّ نفايات برج حمّود الّذي لا يزال يعاني منه سكّان المنطقة ومن روائحه الكريهة وانبعاثاته السامّة.
وهنا علمت "النشرة" ان جهاد العرب سيتولى عملية الردم عبر الصخور التي يستخرجها من مقلع الجية المعروف بمقلع "الكجك"، مع العلم ان الصخور المستعملة في ردم البحر هي من النوع القوي والقاسي والتي تتوافر في مقالع "سبلين" و"ضهر البيدر" واخيرا في مقلع الجية التابع للعرب، والذي هو "مقلع ردم"، انما الرخصة التي نالها من الوزير محمد المشنوق عندما جدد له عقده حتى عام 2019 هي رخصة مقلع حجر مفتت. وهنا تشرح المصادر ان الفرق بين الرخصتين هو بُعد المقلع عن المنازل فالاول يجب ان يبعد عن الأماكن السكنية أكثر من 2500 مترا لان استخراج الصخر منه يتم عبر التفجير، أما الثاني فيجب ان يبعد 500 متر، وما يحصل هو استفادة المتعهد من انخفاض كلفة النقل من المقلع الى مكان الردم، وكي يستطيع استخراج الصخر القوي من مساحات واسعة من الجية تم اعتماد رخصة مقلع الحجر المفتت، ضاربين بعرض الحائط امكانية اصابة السكان والمنازل بأذى جراء عمليات التفجير القريبة منهم. وهنا يكمن الدور المفقود للمجلس الوطني للمقالع.
يبقى أن نشير الى أنّ المشكلة البيئيّة الحاصلة والمتمادية، كلفتها الصحيّة الباهظة الثمن والمرهقة لخزينة الدولة تبقى برسم وزارتي البيئة والصحة، والحكومة مجتمعة التي تتحمّل مسؤوليّة اعطاء الموافقة على هكذا مشاريع تضرّ بالمواطنين وتستعمل ضرائبهم في غير مكانها.
(1)المادة السادسة : تناط بالمجلس الوطني للمقالع بالاضافة الى الصلاحيات المنصوص عليها في هذا المرسوم المهام التالية:
1-تحديد الشروط العامة لانشاء واستثمار المقالع والكسارات والمحافر وتعديلها في ضوء التطور التقني ومفاهيم سلامة البيئة مع حق فرض شروط خاصة لكل طلب ترخيص وفقا لمستلزماته.
2-قبول طلبات الترخيص بانشاؤ واستثمار مقالع او كسارات او محافر او رفضها وفي سياق دراسة الطلبات واجراء اي تحقيق وطلب اية مستندات جديدة.
3-تحديد قيمة الضمانة المالية الملحوظة في المادة السابعة.
4-اقتراح تشغيل الكسارات خارج المقالع وتوقيفها في حال المخالفة واقتراح اتخاذ التدابير المناسبة بشأنها.
5-الاشراف الدائم على تقيد مستثمري المقالع ومحافير الرمل بأحكام هذا المرسوم والتثبت من تقيدهم بأحكام هذا المرسوم وبشروط الترخيص الادارية والبيئية والمالية والتحقق من المخالفات لاتخاذ التدابير المنصوص عليها في هذا المرسوم.
6-التثبت من عمليات تأهيل ارض المقلع والمحفار خلال مدة الاستثمار وكذلك بعد فترة الاشغال وذلك وفقا لشروط الترخيص وللشروط البيئية.
(2)المادة الرابعة: يعقد المجلس جلسة عادية مرة كل اسبوعين على الاقل بدعوة من رئيسه ولا تكون اجتماعاته قانونية الا بحضور الاكثرية المطلقة من الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس. ويمكن ان يعقد جلسات طارئة كلما دعت الحاجة بناء على دعوة من رئيسه توجه الى الاعضاء قبل يومي عمل على الاقل. وتتخذ قرارات المجلس توافقيا والا بغالبية ثلاثة ارباع اصوات الحاضرين.
(3)المادة الاولى من المرسوم رقم 2433: يحدد تعويض حضور جلسات المجلس الوطني للمقالع لمدير عام وزارة البيئة واعضائ المجلس ب 80 الف ليرة لبنانية عندما تعقد برئاسة وزير البيئة وفي حال عقدت الجلسة برئاسة مدير عام البيئة يكون تعويض الاخير 120 الف ليرة لبنانية شرط الا يزيد عدد الجلسات عن اربع في الشهر.