موسم البطاطا العكارية بدأ أمس من دون أي أفق لتصريفه خارج السوق المحلية. هذا الأمر دفع مزارعي عكار إلى زيارة وزير الزراعة أكرم شهيب لإطلاعه على حجم مصيبتهم. البيان الرسمي الصادر عن مكتب وزير الزراعة أشار إلى أن شهيب أبدى حرصه «على تعزيز القطاع ومتابعة مشاكله حتى إيجاد الحلول المناسبة، خصوصاً أننا بتنا نعيش في جزيرة تتطلّب منا إيجاد آلية ناجعة للتصدير». وفد مزارعي البطاطا في عكار طالب شهيب بـ«التواصل مع المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان (إيدال) من أجل مضاعفة الدعم المعطى لهم».
ما يقلق مزارعي البطاطا في عكار هو أن تلقى منتجاتهم المصير نفسه الذي أصاب التفاح. فبحسب رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك، سبق أن «تكدّست عشرات ألوف أقفاص التفاح في برادات التخزين في انتظار الفرج». والدور لا يقتصر على البطاطا العكارية، بل يطاول أيضاً موسم الليمون الذي ينطلق بعد أيام، وهناك موسم الجنارك الذي بدأ أيضاً، فضلاً «عن الحشائش والخضر المتنوعة» وفق الحويك.
ويتوقع أن يكون الإنتاج المحلي الزراعي المعدّ للتصدير في شهر أيار على النحو الآتي: 8400 طن من الليمون، 14500 طن من البطاطا، 3000 طن من الخضر والحشائش، و1500 طن من الفاكهة المختلفة. وتحتاج هذه الكميات إلى 24 شاحنة تصدير يومياً خلال أيار، أي ما يوازي 720 شاحنة.
أثار هذا الوضع مخاوف المزارعين والتجار، خصوصاً أن ما قيل عن تأسيس خطّ بحري لنقل الشاحنات بواسطة عبارات «رورو» من ميناء بيروت إلى ميناء بور سعيد لا يزال مشروع خطّة لم تعرض بعد على مجلس الوزراء. هذه الخطّة التي أعدّتها «إيدال» أصبحت بين يدي وزير الزراعة أكرم شهيب، وهي تتضمن دعم الصادرات الزراعية والصناعية عبر الطريق البحرية بمبالغ تغطّي فرق الكلفة بين التصدير البري والبحري لفترة محدودة.
ويعلّق الحويك على التأخّر في عرض الموضوع على مجلس الوزراء بالإشارة إلى أن «المسؤولين في لبنان لا يحافظون على مصالح المزارعين، بل يهتمون أكثر ببعض الصفقات. فعلى سبيل المثال، قرّر مجلس الوزراء أن يخصص مبلغ 10 مليارات ليرة لشراء دواء لذبابة الفاكهة، علماً بأن الصفقة جاءت على قياس إحدى الشركات، لكنها لم تعمل على شراء 4 عبارات لتسيير الخطّ البحري». كلفة العبارات الأربع، بحسب الحويك، تبلغ 10 ملايين دولار «يمكن الدولة أن تخصص هذا المبلغ لفتح الخط ودعم الصادرات البحرية ولزيادة إيراداتها أيضاً».
والمفارقة أن السوريين «أطلقوا الخطّ البحري من مرفأ طرطوس إلى مرفأ بور سعيد، واليوم تسير عليه الباخرة السادسة لتصريف منتجاتهم بعدما انقطعت الطرق البرية للتصدير، فيما نحن غارقون بالصفقات».
هذا الوضع قد يدفع المزارعين إلى وقف أعمال القطاف، من أجل تلافي خسائر أكبر قد تلحق بهم بسبب كساد المواسم. ومن تداعيات الكساد أنه سيضغط على الأسعار ويدفعها نزولاً تحت مستوى كلفة الإنتاج. كميات التفاح المخزنة في البرادات قد لا تجد طريقها إلى التصريف، علماً بأن وقت تخزينها بدأ يستنفد، وبالتالي فإن الخسارة فيها تزداد بصورة مطردة.