بحنكةٍ سياسيةٍ وفي لحظةٍ مفصليّة، استطاع رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" أمين الجميّل نزع فتيل التفجير داخل حزبه، عشيّة المؤتمر العام للحزب، الذي يفترض أن يتمّ خلاله انتخاب رئيسٍ جديدٍ له.
قبل أيام، أعلن الجميل أنه لن يترشح لولايةٍ جديدةٍ لرئاسة الحزب. لكن، قبل ذلك، عمل على ردم الهوّة بين نجله النائب سامي الجميل، وابن شقيقه النائب نديم بشير الجميّل، بحيث توصّل الى تسوية تُفضي لانتخاب نجله رئيسًا للحزب، في تطورٍ نوعي لم يكن النائب سامي الجميل نفسه يتوقعه، بالنظر لحجم الهوة بين الرجلين المتنافسَين على الإرث السياسي للعائلة الجميليّة.
عملية الإقناع لم تكن سهلة، وقد تطلبت من الرئيس السابق الاجتماع أكثر من مرّة بابن شقيقه والاستماع إلى هواجسه واستفساراته، خصوصًا أنّ كلّ الأجواء كانت تؤشر إلى أنّ الأخير يعدّ العدّة لـ"انقلابٍ أبيض" داخل الحزب يخلط فيه الأوراق عبر جمع المتضرّرين من وصول سامي الجميل للرئاسة وهم كثر.
ولعلّ كلمة السرّ التي جعلت النائب نديم الجميل يوافق على طروحات عمّه تمثلت بـ"الوعد" الذي تلقّاه بأن يتولى رئاسة الحزب خلفاً لسامي الجميل، علمًا أنّ الرئيس السابق طالب الشابين بالتعاون الوطيد لإعادة النهضة بالحزب ليعود وينتشر على مساحة الوطن، وهو يرى أن الحزب بحاجة الى شدّ عصب واعادة هيكلة، ما يفرض وجود لاعب من آل الجميّل على رأسه في هذه المرحلة.
وكان عُقد منذ أسبوعين تقريباً اجتماع بين أمين وسامي ونديم الجميّل في منزل الرئيس الراحل الشهيد بشير الجميّل في بكفيّا دام خمس ساعات انتهى مع ساعات الفجر الأولى اتفقوا خلاله على التعاون واعادة بناء الحزب. وكشفت مصادر مواكبة لاجتماع الفريقين أن النائب نديم الجميل طالب عمّه أن يتولّى هو أوّلا رئاسة الحزب ومن ثمّ يسلّم سامي، الا أن الرد جاءه من والد الثاني أنه لا يتحمّل خسارة ابنه عاطفيّاً وسياسيّاً بعد خسارة الشهيد بيار الجميّل جسديّاً.
وبحسب المعلومات، فقد توصّل النائبان سامي ونديم الجميّل الى التفاهم على ضرورة الاّ يستأثر الأول بالسلطة مدى الحياة والا ينتظر الثاني كلمة السر من رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ليتحوّل الى حزبه. وعليه تقرّر أن يلقي النائب نديم الجميّل في المؤتمر العام كلمة مدويّة تحت عنوان "في خدمة لبنان" يُعيد من خلالها شدّ العصب ويبايع النائب سامي الجميّل.
وسط كلّ ذلك، الأكيد أن الحوار المسيحي-المسيحي الجاري بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" فرض على كل الكتائبيين الإتّحاد تحت سقف الحزب في محاولة لشدّ العصب الحزبي خوفاً من خسارة القاعدة الشعبية في حال اتّفق الحزبان المسيحيان الأكبر على مساحة الوطن.