مرّة جديدة، يُهانُ الإعلام اللبناني دون حسيب أو رقيب، وعلى أعين من تسمّي نفسها دولة..
ففي استكمال لمسلسل تحميل الإعلام، كلّ الإعلام ومن دون أدنى تمييز، مسؤولية ما يعتبرونه "افتراء" و"تجنيًا" على طبيب تمّ توقيفه بعدما أثيرت قضية بتر يدي وساقي طفلة كان يعالجها، انحرف اعتصامٌ آخر نظّمته نقابة الأطباء مع زميلهم الموقوف، ليتحوّل إلى "محاكمة" للإعلام بل "إهانة وإذلال" له، في وقتٍ كان هذا الإعلام حاضراً ويقوم بواجباته كالعادة.
وكما يفعل منذ بدء هذه القضية، خرج النقيب أنطوان البستاني ليقول أنه لن يسمح لمن أسماهم "الشتّامين"، في إشارة إلى الإعلاميين، بمتابعة مسيرتهم الهدّامة تحت ستار "الحرية الإعلامية"، لينبري أحد الأطباء فيتلفّظ بكلمة "طز" على مرأى ومسمع الأطباء الذين سارعوا إلى التصفيق الشديد، فيما لم تفارق الابتسامة محيّا النقيب المحترم، ما يدلّ على فخره الشديد بالصورة المحترمة والراقية التي تُقدَّم، كما يظهر بوضوح في الفيديو المرفق.
الأكيد أنّ شيئاً لا يبرّر للأطباء، وهم من يفترض أنّهم أصحاب رسالة سامية وشريفة، أن ينزلقوا لهذا الدرك الرخيص من التجنّي والافتراء، ولهذا المستوى من الابتذال، فهم إن كانوا على حق أو باطل في أيّ قضية، لم يضرّوا سوى أنفسهم، وقد شوّهوا صورتهم بأنفسهم، لأنّه ليس الإعلام من يتمّ التعامل معه بهذه الطريقة، هذا الإعلام الذي لم يقصّر أصلاً في إظهار إنجازاتهم وفتح الهواء لهم في أكثر من مناسبة. وإذا كانوا قد شعروا بـ"تحاملٍ" عليهم في مكانٍ ما، فإنّ الردّ على ذلك لا يمكن أن يكون أبداً بهذه الطريقة المبتذلة، التي لن تعيد لهم أيّ حق.
طبعاً، مرّت هذه الكلمة مرور الكرام، وطبعاً لن ينتظر الإعلاميون أيّ ردّ اعتبار خصوصاً من الوزارة الوصيّة عليهم التي لم تحرّك ساكناً، وهم الذين اعتادوا أن يتحمّلوا الكثير عندما يقومون بواجباتهم. وقد يكون المطلوب أن يتكاتف هؤلاء الإعلاميون اليوم في وجه النقيب وأعضاء نقابته المحترمين، بغضّ النظر عن كلّ مقتضيات المنافسة والاختلاف، لأنّ الكرامات يجب أن تبقى فوق كلّ اعتبار...