قضية الإنماء أمر ضروري وأساسي لنهضة الأمة، بشرط التنوع والتوازن بين موضوع المشاريع والمناطق في كل دولة عربية وبين دولة وأخرى، غير أن التفرد والجشع وقصر النظر يؤدون جميعهم إلى التموضع في مشاريع صغيرة ومناطق محدودة.
من أجل ذلك، يجب أن توجّه منظمات المجتمع المدني والأحزاب والمنظمات والاتحادات العربية المتخصصة في مجال التمويل والنشاطات الاقتصادية المختلفة جزءاً من أعمالها وبرامجها للضغط بشتى أنواعه لقيام مشاريع مشتركة عابرة للدول العربية، فتتحقق في تنفيذها الفائدة المالية الأكيدة، ليس فقط للحكومات والمؤسسات، بل لشعوب الدول العربية، كون هذه المشاريع الكبرى العابرة للدول العربية أمراً ضرورياً لتنمية الروح الوحدوية لدى شعبنا.
هنا، لابد أن نتساءل: ألا تفتقد الأمة العربية لخط ملاحي مائي عربي منتظم يربط الموانئ العربية في المشرق العربي بالمغرب العربي؟ فما الذي يمنع تلك الحكومات من إنشاء هذا الخط؟ وماذا يمنع تكوين شركات ملاحة عابرة للدول؟
إن قيام هذا النوع من الشركات من شأنه توفير فرص عمل جديدة لشعوبنا، وبالتالي نخفض نسبة البطالة لديها.
ونتسائل أيضاً: أليس من الضروري استكمال وصلات الربط الطرقية والسككية الناقصة بين الدول العربية؟ الجواب بديهي: نعم، لكنه يتطلب الضغط على الحكومات لإبرام الاتفاقات بهذا الخصوص، ويستتبع ذلك حكماً إنشاء شركات دراسات إنشاءات وتعهّدات عابرة للدول، توفر فرص عمل لأبناء الأمة.. وهنا نطرح السؤال الآتي أيضاً: ما الذي يمنعنا من إقامة مشاريع عربية مشتركة في مجال بناء وصيانة وإصلاح سفن، وتشجيع مشاريع التحالف والاندماج بين شركات الطيران العربية، وإنشاء بنك معلومات عربي اقتصادي موحَّد، وتوفير منظومة نقل متكاملة ومتطورة لتسهيل انتقال الأفراد والبضائع بين الدول العربية؟
المطلوب مشاريع مشتركة كثيرة تساعد الشعوب على الالتقاء والتفاعل بما يفيد الأمة وإنسانها.. المهم هو الإرادة الحرة، والشعور بالمسؤولية وحب الوطن، إلى جانب استتباب الأمن واستقرار القوانين والقضاء النزيه، وعلينا جميعاً واجب ممارسة الضغط بهذا الاتجاه.. فهكذا تُبنى الاتحادات البشرية على أنواعها، وهكذا تنهض الأمم.