قبل ساعات قليلة من يوم الغضب الذي يحضره إسلاميو طرابلس ضد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وفي الوقت الذي دعا فيه أهالي الموقوفين الإسلاميين الى تظاهرة شعبية بعد صلاة ظهر اليوم إنطلاقاً من مسجد المنصوري الكبير تحت عنوان "حاكموا المشنوق ومن وراءه وفكوا قيد أسرانا"، لم يكن ليل الأمس هادئاً في عاصمة الشمال، بل شهد عمليات كرّ وفر في شوارع المدينة الداخلية بين مناصري "تيار المستقبل" من جهة، والشباب المسلم المتشدد من جهة أخرى.
وفي التفاصيل، بدأ التوتر بعد منتصف الليل، عندما رصدت سيارة من نوع bmw، زجاجها داكن، وهي تقوم بتعليق لافتات مؤيدة للوزير المشنوق، أبرز الشعارات التي كتبت عليها "رجل الحكمة في الظروف الصعبة" و"طرابلس لن تنسى من دفع ثمن مواقفه بالنفي عن وطنه أكثر من خمس سنوات".
هذه اللافتات التي رفعت الى جانب صور وزير الداخلية والبلديات، إستفزت شارع الإسلاميين خصوصاً بعدما تبين أن الشبان الذين يقومون بتعليقها هم من مناصري "تيار المستقبل"، فما كان بالمتشددين إلا أن عمدوا الى إزالتها والصور ورميها أرضاً. الا أن إزالة اللافتات، لم تدم كثيراً لأن الشبان الذين قاموا بتعليقها، سرعان ما لاحظوا أن أحداً أزالها فعادوا ورفعوها من جديد، قبل أن يتبلغوا عبر الواتساب بأن الأجواء في المنطقة غير مطمئنة وتنذر بإشكال كبير مع الإسلاميين إذا إستمر الكر والفر في تعليق اللافتات وإزالتها وبقي على ما هو عليه. عندها ومنعاً للإنزلاق الى ما لا تحمد عقباه، وكي لا تنجر المدينة الى نار الفتنة من جديد، أزال شباب التيار اللافتات من الشوارع الساخنة وقاموا بإعادة تعليقها في مناطق، نفوذ الإسلاميين فيها محدود أو غير موجود أساساً.
هذه اللافتات التي إستفزت الإسلاميين على خلفية أن "المشنوق الذي نفّذ قرار إزالة الشعارات والصور الحزبية وحاول إزالة لفظ الجلالة والراية الإسلامية، لا يحق له أن يعلق رايات ولافتات داعمة له في طرابلس"، كما يقول مصدر سلفي بارز، لم تؤثر على التحضيرات القائمة لتظاهرة اليوم، والتي لن تقتصر كلماتها فقط على مهاجمة وزير الداخلية والمطالبة بمحاسبته على تعذيب السجناء في رومية، بل ستتضمن أيضاً بحسب المصادر الإسلامية، "كشف أسماء بعض الضباط الذين شاركوا في التعذيب، ومزيداً من أساليب التعذيب التي إعتمدها عناصر فرع المعلومات مع بعض المشايخ والتي لا تخطر على بال أحد".
إذاً ما شهدته طرابلس ليلاً، وما سيشهده شارعها اليوم، هي مشاهد قصيرة من مسلسل نهاد المشنوق-أشرف ريفي، يأمل الطرابلسيون أن ينتهي كاتبه من صياغة الحلقة الأخيرة منه في أسرع وقت ممكن، لأن أهل المدينة الذين لم يصدقوا كيف انتهت جولات القتال بين جبل محسن وباب التبانة كي يعيشوا بسلام بعد سنوات دموية خطفت أرواح المئات من شبابهم، ليسوا بوارد أن يتحملوا تبعات الخلاف بين وزيري "تيار المستقبل" في الحكومة، والتي في حال فجرت الوضع الأمني، سيكون هذه المرة داخل البيت الواحد أي داخل طرابلس حصراً ومن دون أن يكون لعلويي جبل محسن أي علاقة بالموضوع، وهذا سيكون أصعب من جولات القتال السابقة.