اختتم المجمع الانطاكي المقدس الذي عقد برئاسة بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر يازجي، اعمال دورته العادية الخامسة.وتلا المقررات رئيس دير سيدة البلمند البطريركي الارشمندريت يعقوب خليل وقال: "استعرض الآباء واقع العمل الرعائي في أبرشياتهم في الوطن وبلاد الانتشار وتوقفوا عند الجهود التي يبذلها الرعاة لبناء المؤمنين على صخرة الإيمان، كما باركوا النشاط الذي يقوم به المؤمنون ولاسيما الشباب منهم في المجال البشاري والتربوي والاجتماعي والاعلامي لنشر كلمة الله والشهادة ليسوع القائم من الموت لأجل خلاص العالم".
وأضاف "أطلع صاحب الغبطة الآباء على زياراته الرعائية الأخيرة التي قام بها إلى حلب وحمص وحماه، وأبرشيتي نيويورك وسائر أميركا الشمالية وبغداد والكويت وتوابعهما حيث قام بتنصيب المطرانين جوزيف زحلاوي وغطاس هزيم. ونقل غبطته لآباء المجمع أصداء تلك الزيارات التي جاءت لترسي قواعد الرسوخ الأنطاكي في الأرض وتترجم إرادة الكنيسة بأن تكون دوما إلى جانب شعبها مهما قست الظروف. كما استعرض غبطته الزيارات الرسمية الأخيرة إلى كل من اليونان ورومانيا وروسيا وأرمينيا وقبرص والجبل المقدس آثوس والتي نقلت بالدرجة الأولى واقع كنيسة أنطاكية بشعبها المتألم الذي يرزح تحت وطأة ظروف معيشية قاسية".
وقال "استعرض آباء المجمع العمل التحضيري للمجمع الأرثوذكسي الكبير المزمع عقده، وتوقفوا عند النتائج التي توصلت إليها اللجنة الارثوذكسية التحضيرية الخاصة التي انعقدت في شامبيزي-سويسرا بين أيلول ونيسان، وكلف المجمع لجنة مختصة بإعداد مذكرة توضح المقاربة الأنطاكية للتحديات المطروحة أمام المجمع الأرثوذكسي الكبير. وأكد آباء المجمع وقوفهم بجانب قداسة البطريرك المسكوني من أجل العمل السريع لحل الأزمات التي يمكن أن تعيق انعقاد المجمع أو تؤثر على نتائجه ومن بينها مسألة الخلاف مع البطريركية المقدسية. ولما كانت الكنيسة الأنطاكية قد استنفدت جميع الوسائل السلامية لحل الخلاف مع البطريركية المقدسية، قرر آباء المجمع قطع الشركة الكنسية مع البطريركية المقدسية حتى إشعار آخر والتأكيد على اتفاق أثينا (حزيران 2013) كأرضية لكل حل مستقبلي".
ولفت الى ان "الآباء تدارسوا باهتمام كبير الورقة التي رفعتها اللجنة التي أنشئت من أجل متابعة توصيات المؤتمر الأنطاكي المنعقد في البلمند في حزيران 2014 وأقروا الأنشطة حول محور العمل الرعائي الواردة في الورقة وقرروا استكمال دراسة المحاور الأخرى في الدورة المقبلة. وفي هذا السياق، شكل الآباء عددا من اللجان المجمعية لتفعيل التنسيق والتواصل بين مختلف أبرشيات الكرسي الأنطاكي في الوطن وبلاد الانتشار، وللتخطيط العام ولدراسة شؤون العائلة. وفي إطار توحيد الخدم الليتورجية تم إقرار نص موحد لخدمة المعمودية المقدسة لاتباعه في كافة كنائس الكرسي الأنطاكي".
وأشار الى ان "المجمع المقدس انتخب قدس الأرشمندريت سلوان أونر، رئيس دير القديس جاورجيوس الحميراء البطريركي، متروبوليتا على الجزر البريطانية وإيرلندا. وقبل آباء المجمع استقالة صاحب السيادة اسبيريدون متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما المقدمة إلى غبطته على أن يبقى متروبوليت شرف ويقيم في مطرانيته التي تعنى بتأمين حياة كريمة له وعبروا عن تقديرهم لإنجازات سيادته ودعوا له بطول العمر".
أضاف: "رحب الآباء بالتقدم الحاصل في المجال الإعلامي وباركوا الجهود التي بذلت من أجل إنشاء المركز الأرثوذكسي الأنطاكي للإعلام الذي تم افتتاحه على هامش أعمال المجمع. شكر آباء المجمع جميع الجنود المجهولين الذين ساهموا في إنشاء المركز والذين لا زالوا يساهمون في دفع عمله قدما. ودعوا أبناءهم لوضع خبراتهم في تصرف هذا المركز من أجل أن تصل الكلمة الى الجميع ويخرج صوت أنطاكية إلى كل المسكونة. وأعرب آباء المجمع عن شكرهم وتقديرهم للجهود التي يبذلها أبناؤهم في مجال العمل الإغاثي والخدمة الاجتماعية والتعاضد مع المحتاجين. وأكدوا التزامهم لبذل كل ما يمكن في سبيل خدمة الأخ الفقير والمحتاج والمشرد والمتألم على مستوى الرعايا والأبرشيات والمؤسسات القائمة وعلى رأسها دائرة الإغاثة والتنمية في البطريركية تنفيذًا لوصية السيد "ما فعلتموه بإخوتي هؤلاء الصغار فبي فعلتموه". وفي هذا الصدد، لا يسع الآباء، إلا أن يشكروا جميع الهيئات المانحة التي تساعد الكنيسة الأنطاكية في خدمتها الإغاثية والاجتماعية، وأن يدعوا جميع القادرين إلى تكثيف العطاء من أجل خدمة المحتاجين أحبة المسيح الذي وحد نفسه بهم".
وقال: "توقف الآباء بألم شديد عند معاناة الشعب السوري الذي يرزح تحت وطأة حرب مدمرة وإرهاب منظم وتكفير أعمى يدمر الحجر ويقتل البشر ويمحو تراثا وحضارة ضاربة في القدم. وبالرغم من هذا الواقع المظلم، لا يسع الآباء إلا أن يعبروا عن فخرهم بتجذر أبنائهم في سوريا بأرضهم بالرغم من كل الصعوبات التي تعصف بهم والمحاولات التي ترمي إلى نسف أصوات الاعتدال والتعقل وضرب أسس العيش المشترك. وإذ يؤكد الآباء أن الكنيسة ستبقى الحصن المتين لأبنائها، يرحبون بالمبادرات التي يقوم بها الخيرون والتي تهدف إلى بناء ما قد هدمته يد الإرهاب والإجرام واستعادة ما سرق من التراث المسيحي. وهم يدعون أبناءهم في سوريا إلى التمسك بأرضهم وجذورهم والإخلاص لوطنهم والحفاظ على وحدته. ويطالبون العالم بأن يكف عن التفرج على مأساة الشعب السوري والعمل الجدي من أجل إيجاد حل سياسي - سلمي للحرب المدمرة على سوريا يضمن عودة الأمن وإحلال السلام وإطلاق المخطوفين ولاسيما المطرانين بولس يازجي ويوحنا إبراهيم والآباء الكهنة، ويؤمن المساواة في المواطنة بين جميع أبناء الشعب السوري، ويكفل عودة النازحين والمهجرين إلى بيوتهم وممتلكاتهم والتعويض عن الضرر الذي أصابهم جراء هذه الحرب العبثية".
وتابع: "أكد الآباء تمسكهم بالنظام الديمقراطي في لبنان، وبميثاق العيش المشترك، وأسفوا لعجز المجلس النيابي عن الالتئام لانتخاب رئيس للجمهورية يعبر عن وجدان اللبنانيين الميثاقي والدستوري، ويصون وحدة الوطن، ويحمي الدستور، ويؤمن انتظام المؤسسات لما فيه خير المواطنين وتنمية لبنان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في هذه المرحلة المصيرية. وهم يناشدون النواب ويدعونهم بإلحاح لممارسة مسؤوليتهم الوطنية والالتزام بما يقتضيه الدستور. وإذ يثمنون العمل الذي تقوم به الحكومة، يدعونها لتحمل مسؤولياتها في رعاية شؤون المواطنين. كذلك، يثمن الآباء الجهود التي تقوم بها المؤسسات الأمنية في سبيل إرساء الأمن والاستقرار على كامل التراب الوطني ويناشدون جميع المعنيين بالعمل من أجل إطلاق الجنود المخطوفين وإعادتهم إلى بيوتهم وذويهم. يضرع الآباء إلى الله أن يرافق أبناء العراق واليمن وفلسطين في محنتهم وبأن يقويهم ويشددهم في ما هم يعيشون في ظل ظروف صعبة".
أضاف: "يكرر الآباء التزامهم العيش الواحد مع إخوتهم المسلمين أبناء هذا الشرق كمواطنين أصيلين متجذرين في هذا الأرض ومتساوين أمام القانون. ويدعون المجتمع بكامل أطيافه إلى العمل من أجل مواجهة الفكر التكفيري وإرساء تربية دينية تعمم ثقافة الانفتاح والسلام والمواطنة وترتكز على كرامة الإنسان بصفته مخلوقا على صورة الله ومثاله. يطالب الآباء المجتمع الدولي العمل الجدي من أجل إيجاد حلول سلمية للمشاكل التي تعصف بهذا الشرق تتجاوز مصالح كبار هذا العالم وتتيح لأبنائه البقاء في أرضهم والعيش بكرامة والاستفادة من مواردها وخيراتها".