مجدّداً، وبعد أقلّ من ثلاثة أشهر، عادت أزمة تصريف النفايات في مدينة النبطية ومنطقتها إلى الواجهة بعد صدور قرار قضائي باقفال مكب النفايات في بلدة الكفور الذي تستخدمه المدينة وبلديات اتحاد بلديات الشقيف للتخلص من نفايات البلدات اليومية من دون وجه حقّ لما يتسبب من ضرر على قرية الكفور من خلال شركة متعهدة تتولى تصريف النفايات بنقلها من البلدات الى المكب بشكل يومي.
وفي حين تحدّثت مصادر لـ"النشرة" عن تسوية قد تمت خلال الليل تقضي بحل مؤقت لتصريف نفايات النبطية في وادي الكفور على ان يعقب ذلك بدء العمل بمعمل فرز النفايات المخصص لمدينة النبطية، بحيث باشرت آليات تابعة لبلدية النبطية بتصريف النفايات ونقلها إلى مكب وادي الكفور رغم اعتراض أهالي الكفور، فإنّ توقف نقل هذه النفايات منذ أربعة أيّام خلق أزمة نفايات أغرقت الطرقات، مما ادى الى انبعاث الروائح الكريهة في ظل طقس صيفي حار مشبع بالرطوبة، فضلا عن الحشرات والجراثيم، حيث تحولت اكوام النفايات في الحاويات والبراميل الى مرتع للقطط ولعدد من الكلاب الشاردة.
أهالي الكفور: الحلّ الأنجع فرز النفايات
وقبل "التسوية المؤقتة"، أعرب أهالي بلدة الكفور عن سرورهم لاقفال مكب النفايات الجاثم على صدر بلدتهم منذ 7 سنوات، مؤكدين أنّهم تحمّلوا ما لا يمكن تحمّله من وزره الذي انبعثت منه الروائح الكريهة التي حملها الهواء الى البلدة مع الذباب الذي لسع العديد من الاطفال، فضلا عن انبعاث غاز الميثان وتسرب ملوّثات النفايات الى قعر الارض حيث المياه الجوفية التي تلوثت ولم تعد صالحة لري المزروعات فكيف ريّ عطش الناس، مشيرين إلى ان الحل الانجع هو فرز النفايات من خلال المعمل الذي اقامه الاتحاد الاوروبي لمنطقة النبطية.
هذا وقد تزامنت مشكلة تصريف نفايات النبطية مع وصول معلومات الى فعاليات المدينة تتحدث عن خطة لوزير البيئة محمد المشنوق بتوزيع نفايات العاصمة على بقية المناطق اللبنانية ومنها مدينة النبطية التي ستبلغ حصّتها من هذا التوزيع، بحسب مصدر في تجمع الاندية والجمعيات فيها، 200 طن من االقاذورات الصلبة يوميا وهو ما استفز مشاعرهم واغضبهم، ودفعهم للتهديد بالنزول الى الشارع والاعتصام في اطار خطة مدروسة.
دعوة للناس للنزول إلى الشارع؟!
وكانت "النشرة" التقت عدداً من فعاليات النبطية للوقوف عند رأيهم من هذا الملف الشائك، حيث ناشد رئيس بلدية النبطية الدكتور احمد كحيل عبر "النشرة" القضاء الّذي اقفل مكب النفايات في الكفور، ان يعيد فتحه مؤقتًا لحل ازمة النفايات المكدسة في النبطية وبلداتها، متسائلا "لماذا الازمة مع عيد الفطر، وهل هي لتنشق الاطفال الروائح الكريهة؟"
وإذ اعتبر كحيل أنّ الدولة والقضاء لخدمة الناس، تناسى كحيل أن مكب الكفور المفتوح منذ 7 سنوات يتنشّقه اهالي البلدة، وطالب المدعي العام البيئي والرئيس الاول لمحكمة الاستئناف في النبطية القاضي برنار شويري، ومدعي عام النبطية القاضي غادة ابو كروم "اعطاءنا الفرصة لايجاد الحل المؤقت لازمة النفايات وهو ما تتحمله ايضا وزارة البيئة المسؤولة اولا واخيرا عن ايجاد الحلول لازمة النفايات في كل المناطق اللبنانية ومنها النبطية".
واعتبر رئيس البلدية ان اقفال المكب دعوة للناس للنزول الى الشوارع للقيام بتحركات تصعيدية، وقال: "لو كان الحل عندي كرئيس بلدية لاتخذت القرار المناسب لكن الحل ليس بيدي".
من جهته، حذّر رئيس جمعية تجار محافظة النبطية وسيم بدرالدين عبر "النشرة" من استمرار عدم تصريف نفايات النبطية وبلداتها، مؤكدًا أنّ هذا الامر سيؤدي الى انفجار بيئي وخلق مشكلة بيئية وصحية لا تحمد عقباها. ودعا الحكومة الى ايفاء النبطية حقها واعطائها التعويضات المخصصة لاهلها جراء العدوان الاسرائيلي في تموز من العام 2006 وهو مكافأة حقا للمدينة والمنطقة على صمودها في وجه الالة الحربية الاسرائيلية في مثل هذه الايام "وليس باغراق النبطية بمئات الاطنان من النفايات الصلبة التي يزمعون ارسالها لنا من مناطق لبنانية اخرى".
وأمل بدر الدين من الحكومة الاسراع في تلزيم ملف منطقة النبطية لفرز النفايات لان المعمل الجاهز منذ اكثر من عام هو الحل الاساس لكل هذه المشاكل، مؤكدا على خطة تحرك منها الاعتصامات والاحتجاجات ورفع يافطات في مدينة النبطية تنديدا باستقدام النفايات اليها من خارجها.
مشكلة بيئية وصحية خطيرة
أما أمين السر العام للقاء الاندية والجمعيات في النبطية أحمد حيدر بدر الدين، فأكد لـ"النشرة" أنّ لقاء الاندية والجمعيات يتابع منذ مدّة مشكلة جمع النفايات ورميها في مكب عشوائي في وادي الكفور دون اللجوء الى طمرها حسب الاصول والاليات التي تؤمن المعالجة له، لافتاً إلى أنّ ذلك ترافق مع التأخر والتأخير في بدء عمل معمل معالجة النفايات الذي قدمه الاتحاد الاوروبي، موضحًا أنّ هذا المعمل لم يبدأ العمل فيه ولم تمدد الكهرباء اليه ولم يجرِ تعبيد الطريق المؤدي اليه. وأشار إلى أنّ تراكم النفايات في مكب الكفور ادى الى انبعاث غاز الميثان وغيره من الغازات السامة التي تتسبب بالحرائق والتي يصعب اخمادها. وحذر من تفاقم المشكلة، مستنكرًا اهمال الحكومة ووزارة البيئة من ايجاد حل جذري.
وقد رحّب اهالي بلدة الكفور باقفال المكب لانهم يريدون ان يرتاحوا هم ايضا من سمومه المنبعثة مع الهواء، كما قالوا لـ"النشرة".
لقاء الأندية والجمعيات يستنفر..
وفي سياقٍ متصل، عقد لقاء الاندية والجمعيات الاهلية والمدنية والتجارية والاقتصادية اجتماعا في بلدية النبطية بحضور رئيس بلدية النبطية الدكتور أحمد كحيل، رئيس جمعية تجار محافظة النبطية وسيم بدر لدين ورؤساء الاندية والجمعيات وممثلين عنها وذلك للبحث في التحرك المنوي القيام به ووضع خطة عمل رفضًا لاقتراح وزير البيئة محمد المشنوق في ما خصّ توزيع نفايات بيروت على باقي المناطق اللبنانية، ومنها مكب النبطية-الكفور، وزار وفد من اللقاء النائبين هاني قبيسي وعبد اللطيف الزين على ان يستكمل لقاءاته مع النائبين ياسين جابر ومحمد رعد لرفض خطة المشنوق استقدام 200 طن من نفايات العاصمة يوميا الى النبطية.
وفي بيان صادر عن اللقاء، أكّد المجتمعون أنّ معاناة مدينة النبطية لم تنتهِ بعد جراء استقدام النفايات من منطقتي صيدا وجزين الى مكب الكفور في النبطية، فكيف باستقدام نفايات من بيروت الى الكفور وهو مكب عشوائي وليس مطمرا او معملا للفرز.
واعلن اللقاء ابقاء اجتماعاته مفتوحة لمواكبة اي تطور بشأن هذا الموضوع البيئي الذي يهم صحة وسلامة المواطنين في النبطية ومنطقتها.