تقع بلدة راشيا الوادي على سفح جبل الشيخ (حرمون) وهي من أهمّ القرى في قضاء راشيا في محافظة البقاع. تبعد مسافة خمسين كلم عن زحلة وخمسة وثمانين كلم عن بيروت، تأسست اول بلدية فيها عام 1860، وهذه البلدة العريقة استوطنها الرومان والصليبيين وكانت معتقلا للشهابيين اذ تشتهر بقلعتها التاريخية التي يعود بناؤها الى القرن الحادي عشر والتي سجن فيها آباء استقلال لبنان، رئيس الجمهورية الاول بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح.
تاريخ ومعالم...
بنى الصليبيون في القرن الحادي عشر برجا على تلة في وادي راشيا تطل على فلسطين، وكان هدف البرج توفير الحماية لقوافل التجار الآتين من فلسطين نحو بلاد الشام. وحول البرج ترتفع قلعة راشيا التي تمتد على مساحة تبلغ 8500 متر مربع.
من معالمها، أبنية وآثار صليبية وآبار منحوتة بالصخر قد ردمت اليوم باستثناء بئر واحد، وفيها ايضا أبنية وآثار شهابية تعود إلى العام 1370 م حين تولى الأمير أبو بكر شهاب ولاية حاصبيا، كما بنى الشهابيون مدخلها والسور والقناطر من الجهة الجنوبية الغربية، وكذلك بنى الفرنسيون السور الشرقي للقلعة بعد دخولهم إليها.
شهدت قلعة راشيا احداثا مهمة عبر التاريخ أبرزها في 22 تشرين الثاني 1925 حين اقتحم المقاتلون في الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش أسوارها لتحريرها من الفرنسيين، ولكن الحدث الابرز بالنسبة الى لبنان واللبنانيين هو ما حصل في 11 تشرين الثاني 1943 عندما اعتقلت السلطات الفرنسية كلاً من بشارة الخوري، رياض الصلح، سليم تقلا، عبد الحميد كرامي، عادل عسيران وكميل شمعون، وسجنتهم في غرف منفردة فيها بسبب تحركاتهم نحو الاستقلال، وكان يوم اطلاق سراحهم في 22 تشرين الثاني عام 1943، يوم الاستقلال اللبناني الذي ما زلنا نحتفل به حتى اليوم. ومن بعد الاستقلال تسلم الجيش اللبناني القلعة عام 1964.
مقصد للسواح... ولكن
ان تاريخ قلعة راشيا العريق وادراجها بعد الاستقلال على لائحة المواقع السياحية جعل منها مقصدا للسواح اللبنانيين والاجانب، ولكن منذ ثلاث سنوات انعدمت السياحة فيها بسبب الاحداث في سوريا، كما انعدمت المهرجانات والاحتفالات بسبب موقعها الجغرافي على الحدود البنانية السورية وتهديد المجموعات الارهابية بالدخول اليها عبر طرقات جبلية من القرى السورية التي يسيطر عليها المسلحون الارهابيون عبر جبل الشيخ وعين عطا، أما احتفالات الاستقلال فقد اقتصرت على نشاطات خجولة تشمل زيارة ممثل الدولة اللبنانية الى غرف الاعتقال.
وهنا يشدد رئيس بلدية راشيا بالتكليف المحامي انطوان معلولي في حديث لـ"النشرة" على ان السياحة في راشيا مرتبطة مباشرة بعامل الاستقرار في المنطقة، اذ ان راشيا كما باقي المناطق اللبنانية تأثرت مباشرة بالاحداث السورية. ويضيف: "ان ما جعلنا اكثر عرضة من غيرنا لتأثير ما يجري في سوريا هو وقوعنا على الحدود مع عدة قرى سورية تحوي ارهابيين، مع وجود قلق من تسلل هؤلاء الى قرانا، وهذا ما جعلنا نختصر نشاطات القلعة وهذا ما ادى لانخفاض نسبة السواح بشكل كبير جدا"، متمنيا ان تكون السنة المقبلة افضل من العام الماضي بالنسبة للسياحة في قلعة راشيا.
اذا تعاني قلعة راشيا حاليا من قلة الزائرين بسبب الخطر الامني المتواجد حولها، فالازمة السورية لم تؤثر على امن واقتصاد لبنان ولا على الحياة الاجتماعية الصعبة فيه بل ايضا على السياحة الاثرية، على أمل ان تعود قلعة راشيا للحياة قريبا.
للاطلاع على ألبوم الصور كاملاً اضغطهنا