للمرة الأولى «يقترف » رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع عملاً سياسياً كبيراً كلقائه مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز. ولا يجد الردود السلبية المعتادة من محور خصومه. ربما «ورقة النوايا» مع «التيار الوطني الحر» لايزال سحرها ساريا» أو أن زيارات ملحم الرياشي موفدا» من جعجع للقيادات المسيحية ازالت الهواجس لدى هؤلاء.فما هي الأسباب الحقيقة التي أوصلت الحكيم إلى القصر الملكي فيما العديد من حلفائه ينتظرون بالدور وبفارغ الصبر هذا اللقاء؟ والملفت أن جعجع خرج من معمعة اللقاء بالحدود الدنيا من الحملات السياسية ضده. علماً أن الخصوم لم يرحموه قبل مدة عندما ورد اسمه في «وثائق ويكيليكس» (السعودية).

بعيداً عن التقييم السلبي أو الإيجابي للزيارة، تعتبر اوساط سياسية محايدة أن «الحكيم» نجح حيث فشل الآخرون، فالعاهل السعودي سلمان دشن لقاءاته بالقوى السياسية اللبنانية مع الدكتور جعجع وهذه إشارة إيجابية توضع في ملفه لتعزز مكانته بين الحلفاء في ثورة الأرز. وتضيف الأوساط أن الرئيس سعد الحريري لم يحظ حتى الآن بمثلها رغم أنه من أهل البيت وان معظم لقاءاته مع الملك السعودي كانت اجتماعية في مناسبات التهنئة أو تقديم التعازي. وبالتالي لم يفتح قصر الرياض للقاء منفرد مع سلمان.

وفي المقابل لا يزال النائب وليد جنبلاط يفتش عن المداخل للوصول إلى القصر الملكي. وجميع محاولاته السابقة عبر النائب غازي العريضي ولاحقا مع الوزير وائل أبو فاعور أبقت الأبواب موصدة. كما أن زياراته المكوكية لم تنجح في اختراق الأبواب المقفلة بإحكام رغم أن الأمل تجدد عند تغيير العهود لكن شيئاً جديداً لم يحصل وبقيت العلاقات تقتصر على لقاءات مع الصف الثانى في الإدارة السعودية.

وتعتبر الأوساط السياسية عينها تعتبر أن «الحكيم» لعبها بذكاء.عندما أبقى التحضيرات والإتصالات بعيداً عن حلفائه كما أن قضى حوائجها بالكتمان بعدما وضع تفاصيلها وجدول أعمالها مع السفيرالسعودي في لبنان علي عواض العسيري.واستطاع جعجع والعسيري مفاجأة الجميع خصوصاً الحلفاء كما أن جعجع حرص على التغطية الإعلامية المتواضعة في وسائله الإعلامية أو في الوسائل الصديقة.لأن المهم لديه كان في اللقاء وفي نتائجه على الصعيد المحلي ان على طاولة 14 آذار أم على الساحة السياسية. فالامور لدى جعجع باتت راسخة بأن الدور المنتظر للرياض على الساحة اللبنانية سيكون شريكا إقليميا في أقل تقدير وبالتالي سيكون للسعودية دور تقريري على مستوى الملفات اللبنانية العالقة. وتضيف المصادر السياسية قد يكون جعجع نجح في حجز مقعده في العقل السعودي من خلال اللقاء التعارفي بالعاهل السعودي الذي اعتمد أسلوب اللقاءات مع الفعاليات الإعلامية والأدبية اللبنانية منذ كان أميرا على منطقة الرياض.

كما أن جعجع الحريص على نجاح خطوته قرر طمأنة الداخل اللبناني على اعتبار أن الزيارة ستساهم في حلحلة الملفات العالقة، خصوصاً في موضوع الفراغ الرئاسي. من هنا كانت الزيارات إلى الصيفي وإلى الرابية وفي المعلومات التي تؤكدها الأوساط بأن زيارة متوقعة لمندوب من معراب إلى بنشعي خصوصا إذا نجحت الإتصالات المرافقة لاتمامها.كما أن الأوساط تشير إلى زيارة مؤكدة للنائب أنطوان زهرا إلى عين التينة لوضع الرئيس نبيه بري في الأجواء الحقيقية للقاء الرياض.

إذا يصر جعجع على اكل العنب في زيارته للرياض ولقائه العاهل السعودي وهو لا يريد رفع التحدي في مواجهة أحد، كما أنه يرفض استثمار الزيارة كانتصار بل يريد تحويلها إلى عنصر مساعد للحلول تلحظ له دورا طليعيا على الطاولة المنتظرة للنقاش حول الأزمات العالقة.