في زمن العتمة لا يبقى الا الضوء الساطع في سماء الوطن. إنّه الجيش اللبناني المرابط على الثغور وفي الميدان لمواجهة أعداء لبنان، في كل الازمنة يبقى حامي الحمى هو المنقذ والملاذ والخلاص للوطن ولشعبه ولطوائفه..
في الوقت الذي يستعد فيه لبنان للاحتفال بالعيد السبعين للجيش اللبناني في الاول من اب من كل عام، قدمت المؤسسة العسكرية بطلاً جديدًا هو ابن النبطية الشهيد المقدم المغوار ربيع كحيل الذي اغتاله لصوص وقطاع طرق في وطن تسود فيه شريعة الغاب ، حيث "كل من حارة ايدو الو"، بدل ان يكون الزمن زمن العدالة والاقتصاص من المجرم.
شهيد بطل...
أهالي النبطية التي ترعرع فيها الشهيد المقدم كحيل صعقوا لخبر اغتياله، وزفوه فارسًا وودّعوه بطلاً، موزّعين صوره على السيارات والمارة في وقفة تضامنية مع الجيش في عيده السبعين نظموها امام سراي النبطية الحكومي، حيث رفعوا الاعلام اللبنانية واعلام الجيش وصور الشهيد كحيل وسط الاناشيد والاغاني الوطنية للجيش حامي الوطن والاستقلال والارض والتراب والشعب.
"النشرة" كانت في الاعتصام والتقت عددا من المشاركين فيه بينهم أبناء عمّ المقدم الشهيد كحيل، حيث لفتت سلمى كحيل، وهي ابنة عمّ الشهيد، أنّ ربيع هو ابن النبطية وهو شهيد بطل، مطالبة بهدر دم من قتله. وقالت كحيل لـ"النشرة"، وهي تذرف الدمع: "ما يؤلمنا ما يؤلمنا انه قتل على يد لبناني وعلى ارض لبنانية ولم يقتل بأيدي الارهابيين اثناء قتاله لهم في نهر البارد او في عرسال حيث اصيب لكنه لم يترك رفاقه وحدهم وعاد اليهم للدفاع عن لبنان ومن المؤسف ان يقتله لبنانيون الا انهم جبناء".
أما لمى كحيل ابنة عم الشهيد، فقالت من جهتها لـ"النشرة": "نحن هنا لنقف اولا مع الجيش تضامنا في عيده وهذا اقل الواجب، لان الجيش للبنان كله وليس لفئة معينة من الناس، ونحن هنا لندين اغتيال الشهيد كحيل الذي لم تتمكن منه عصابات الارهاب في نهر البارد وفي عرسال واذا بزعران يقتلانه ويفرون في ليل حالك"، وأضافت: "أقل شيء ان نقف هنا لنقول كفى قتلا للجيش وحرام ان يسقط هذا الشاب بهذه الطريقة الجبانة، هذا الشاب صحيح ان عائلته خسرته لكن الخسارة الكبرى للجيش لانه بطل مغوار".
لا حلّ إلا بالإعدام!
وفي السياق نفسه، استنكر مختار النبطية محمد صبحي جابر الاعتداء على المؤسسة العسكرية، وأوضح لـ"النشرة" أنّ الفلتان في البلد لم يعد يحتمل خصوصًا أنّ لا محاسبة للزعران، وقال: "يجب ان تعود المشانق لتعلق، ويجب أن يعود حكم الإعدام لتعود للدولة هيبتها، إذ لا يردع المجرم الا حكم الاعدام"، وأردف: "انسان ضابط "مكلف عا تقلو"، يقتله اثنان من الزعران الخارجين عن القانون بكل برودة اعصاب، يطلقون النار عليه ومن ثم يتركوه في الارض".
بدوره، أكد نائب رئيس بلدية الكفور عبدالله بيضون لـ"النشرة" أنه يشارك في الاعتصام استنكارا للجريمة النكراء التي اودت بحياة ضابط واعد في الجيش اللبناني، واستنكارا للفلتان، ودعوة للناس لرفع الصوت ضد الحالة المهترئة التي وصل اليها البلد لناحية الموت السريري للسلطة، وقال: "لا يجوز ان تبقى الأمور كما هي عليه، على الشعب ان ينتفض ويأخذ قراره بيده ويحاسب كل المقصرين الذين اوصلوا البلد الى هذه النتيجة".
ونعى عضو كتلة "التحرير والتنمية" النائب ياسين جابر بدوره المقدم المغوار الشهيد ربيع كحيل على انه من ابطال الجيش اللبناني الذين اصيبوا خلال التصدي للارهاب والارهابيين في عرسال وعاد بعدها الى الخدمة والى ساحات البطولة والفداء والتضحية للدفاع عن الوطن واهله. ولفت إلى أنّ المطلوب من الجيش ان يضرب بيد من حديد الزعران الذين قتلوا كحيل لانزال اشد العقوبات بهم وذلك حفظا لكرامة الجيش ومن اجل حفظ أمن اللبنانيين وأمن لبنان، مهنئاً مديرية المخابرات على سرعة توقيف أحد المتورطين في الجريمة.
جيشنا على حقّ..
وعلى هامش الاعتصام أيضًا، التقت "النشرة" بالمواطنة سلام صباح التي قالت أنّها سوف تنفجر من الوضع الذي وصلت اليه الامور في لبنان، متحسّرة على شاب في مقتبل العمر يقتل غيلة وبدم بارد والارهاب لم يطَله في نهر البارد، وقالت: "شاب يفتخر به وطنه يذهب بدون سبب بعدما خاض المعارك في نهر البارد وعرسال"، وأضافت: "فليحكم القضاء ولتعلق المشانق لوضع حد نهائي للفلتان المرعب".
أما المواطن علي جابر، فلفت إلى أنه أتى ليستنكر الجريمة ويقف وقفة تضامنية مع الجيش اللبناني، وقال لـ"النشرة": "لم نعد نطيق السكوت، كل يوم جيشنا تتم مهاجمته في عرسال لتصل الحال الى ان يقتلوا منه ضابطا على جانب الطريق بدم بارد"، وأضاف: "نقول لم نعد نستطيع السكوت لان جيشنا على حق والساكت عن الحق شيطان أخرس". وفيما أكّد أنّ هذه الوقفة هي الاولى ولن تكون الاخيرة، قال: "ان كانت الطبقة السياسية تغطي المعتدين على الجيش، فطبقة الشعب لا تقبل ان يصبح الجيش مكسر عصا وان ينالوا من ضباطه وجنوده، ولذلك نطالب باعدام المعتدين امام العالم كله ليكونوا عبرة لكل من تسول لهم انفسهم الاعتداء على الجيش"، وختم قائلاً: "الجيش خط احمر وجيشنا على حق ويجب ان يتم التمثيل بكل من يعتدي على الجيش بعد اليوم".
في النهاية، يبقى الجيش اللبناني هو المدافع عن الحدود جنوبية كانت أم شرقية، وهو يودع يوميًا فرسانًا تربّوا في مؤسسة التضحية والشرف والوفاء، فمن نهر البارد الى عرسال الى الجبل الرفيع وشبعا والعديسة، الجيش هو جيش الوطن واليد على الزناد والعدو واحد يسعى لتقويض الاستقرار واستهداف الامن، لكن شهداء الجيش باتوا اغنية على شفاه العاشقين الوالهين للشهادة وللتضحية، وليس اخرهم ولن يكون الشهيد المقدم المغوار ربيع كحيل الذي قاتل الارهاب والارهابيين في عرسال واصيب الا انه عاد الى ساحات الفداء هناك ليتصدى للوحوش المفترسة الا ان قدره كان ان ينال وسام الشهادة على يدي مجرم من قطاع الطرق.