رسائل عدّة ميدانية وسياسية من مصدر واحد، لكن في اتجاهات مختلفة هبّت على المنطقة مؤخّرًا تشير إلى أنّ المنطقة والعالم بدأ الاعداد لمرحلةٍ جديدةٍ لتكون سوريا المحور الأساس.
إسرائيل تغير على سيارة في مدينة حضر القريبة من الحدود السورية مع فلسطين .
اسرائيل تشن غارة جوية على منطقة قوسايا القريبة من الحدود السورية مع لبنان.
اسرائيل تحاول فرض واقع جديد بانشاء حزام امني في الجنوب السوري على غرار الشريط الامني الذي كان قائمًا في جنوب لبنان ابان الاحتلال الاسرائيلي بهدف الحؤول دون تقدم الجيش العربي السوري والمقاومة لضرب جبهة النصرة واحرار الشام.
اسرائيل ايضًا وايضًا أغارت على الموقع الاستراتيجي والداعم لحرب الزبداني باعثة برسالة مفادها ممنوع سقوط مدينة الزبداني.
تركيا بدورها وتحت عنوان مزيف (محاربة الارهاب) تحاول ايضاً فرض واقع جديد في الشمال السوري يقوم على اقامة منطقة آمنة أو عازلة على غرار ما تقوم به اسرائيل في الجنوب السوري.
اسرائيل وتركيا ومن خلفهما الولايات المتحدة وحلف الناتو بتشجيع وبتمويل من بعض الدول العربية يستعجلون انشاء واقع جغرافي وعسكري جديد تمهيدًا لامتلاك أوراق سياسية أو لفرض واقع سياسي، متزامناً مع التقرير الذي قدمه دي ميستورا ممثل الامين العام للامم المتحدة في سوريا والضغط على روسيا لاقصائها عن فكرة عقد مؤتمر موسكو 3 للمكونات السورية قبل الذهاب الى جنيف 3 لكن دي ميستورا اردف متمنيا ان لا يعقد جنيف 3 لانه من الصعب التوافق على مفهوم الامم المتحدة وتفسيرها لجنيف 3 لان لا توافق بين الدول المعنية على مقررات جنيف 1.
الملاحظ ان كل هذا الحراك العسكري الاسرائيلي التركي اضافة لتقارير ومبادرات سياسية تأتي عقب اعلان الرئيس الروسي فلادمير بوتين عن ضرورة قيام تحالف جديد مؤلف من سوريا والسعودية والاردن وتركيا لمحاربة الارهاب، ذلك بعد الفشل الذريع الذي مني به تحالف جدة الدولي المؤلف من اكثر من عشرة دول لمحاربة ارهاب "داعش". من هنا نكتشف ان الحاصل في الجنوب والشمال السوري هو محاولة افشال المسعى الروسي خصوصا بعد تسريب انباء عن اجتماع امني رفيع المستوى بين الجانب السوري والجانب السعودي وحصول مثل هذا الاجتماع في إحدى الدول الاوروبية للتنسيق بملف محاربة الارهاب.
وعلى الرغم من النفي من قبل بعض الرسميين بأنّ شيئاً من هذا القبيل لم يحصل البتة، الا ان الرئيس الروسي بما عرف عنه من دقة في التوصيف واطلاق الكلمات المحددة في اي حديث رسمي او عبر اطلاق مبادرة من هذا النوع تعني بان بوتين لا يمكن ليضع اسمه وسمعته وسمعة روسيا لمجرد اطلاق مبادرة من هذا النوع من دون امتلاكه معطيات جدية وقبول من قبل تلك الدول الاربع اضافة لايران للقيام بمثل هذا التعاون الامني وبهذا تكون كل من اسرائيل وتركيا قد اصبحتا خارج تاثير مركز الجاذبية السوري.
سكرتير الامن القومي الروسي (يفغيني لوكيانوف) عقب زيارة ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الى موسكو صرح قائلا ليصلي زعماء الخليج العربي والعالم من اجل بقاء نظام الرئيس السوري بشار الاسد.
اذا في المحصله نستنتج أنّ التسابق لطرح مبادرات جاء بعد اتمام الاتفاق الغربي الايراني بشان الملف النووي الايراني وانتزاع ايران لاعتراف رسمي ودولي ببرنامجها النووي السلمي وبدورها الاقليمي بحل الملفات العالقة من العراق واليمن وخصوصا سوريا.
اوروبا بدأت بتنفيذ مقولة الى ايران در. امريكا تدعو الى فتح صفحه جديدة وتاريخية بالعلاقات مع ايران وانهاء حالة العداء التي دامت اكثر من 35 عاما اضافة الى معظم الدول العربية المرحبة بهذا الاتفاق وفي مقدمها الحليف الاستراتيجي سوريا.
الكل بدأ يركض نحو الكعكة الايرانية واعداء الامس باتوا يتهافتون على السجاد النووي الايراني.
فقط اسرائيل وتركيا وبعض دول الخليج العربي ستحاول عرقلة مثل هذا الاتفاق التاريخي وعبر الاراضي السورية بالتحديد.
لم يكتمل عقد التوافق على انواع او حجم الحصص فيما بعد ابرام الاتفاق النووي الايراني ولا مقررات جدية للبحث باي مبادرة سياسية ممكن ان يبنى عليها في المستقبل، بانتظار اكتمال وتحديد المكافآت التي ستجنيها الدول المعنية بازمات المنطقة لا سيما كل من اسرائيل وتركيا والسعودية مع الاخذ بعين الاعتبار المصالح الروسية الاميركية الاوروبية الايرانية تبقى سوريا مركز الجاذبية والمنطلق والارضية الصلبة للبحث عن حلول سياسية وتحقيق الامن ومحاربة هذا الارهاب الذي بلينا به.
اولى المكافآت لاسرائيل الاعلان عن نية الولايات المتحدة بالافراج عن الجاسوس الاسرائيلي جوناثان بولارد الذي اعتبر من اهم واخطر الاشخاص الذين شكلوا تهديدا مباشرا للامن القومي الأميركي من خلال التجسس على الصناعات التكنولوجية العسكرية الأميركية ومع ذلك سيفرج عنه كجائزة ترضية لاسرائيل ولنتانياهو شخصيا.
تونس اعادت العمل بسفارتها بدمشق. الامارات العربية ستعاود فتح سفارتها في دمشق خلال وقت قريب.
أميركا و دول اوروبية كايطاليا والنمسا والمانيا وفرنسا طلبت من السلطات السورية اعادة فتح القسم القنصلي بدمشق.
التسويات والمناخات الجديدة اطلت برأسها وهناك رياح جديدة بدأت تهبّ على المنطقة والجميع بدأ بالتسابق على تعزيز مكتسباته ونفوذه وقدراته واعادة تصحيح الحسابات الخاطئة. والى ان تتم هذه الدوره الكل يحتاج الى وقت بالاضافة الى تحصين المواقع والمكاسب العسكرية لترجمتها سياسيا.
والى ان تكتمل هذه الدورة تبقى سوريا مركز الجاذبية الجديد كما يبقى الميدان العسكري صاحب الكلمة الفصل اقله في المدى المتوسط.