أشار ​السيد جعفر فضل الله​ الى ان "أمة فلسطين في أشدّ الحالات تأزيما، فالعدوّ يستثمر الحرب المشتعلة على أرض المسلمين والعرب، ليعزز سيطرته على فلسطين فيزيد من المستوطنات، ويتهيأ لإعادة الهيمنة على المنطقة، فيقوم بالمناورات العسكرية التي تنتظر الظروف ليشن حروبا عدوانية جديدة، ويقصف هنا وهناك لتأكيد دوره في ما يجري وتسعير الحروب الدائرة، والمستوطنون يعيثون فسادًا وإجرامًا وقتلًا من موقع حقدٍ واستكبار".

ولفت فضل الله خلال خطبة الجمعة الى إن "هذه الأمّة معنيّة دائما بتفعيل عناصر وحدتها الداخليّة، وما أكثرها! وهذا يحتاج في الحقيقة إلى أمرين، أن "يتحرك كل العاملين المخلصين لبناء خطة حقيقة لإعادة صوغ الأمّة لذهنيّتها في التعاطي مع تاريخها ومع تنوّعها، حتّى لا تخلق مساحات الاختلاف في ما بين أطرافها ثغرات تنفذ من خلالها مخطّطات الأعداء، والكلّ معنيّون، ولا سيّما الحركات الإسلاميّة، دون استثناء للعمل في هذا الاتجاه، والتصويب في اتّجاه العدوّ الحقيقي للأمة، وهو ما من شأنه أن يجمّد مفاعيل تلك الخلافات، ويوفر بيئة ملائمة لتقارب فعلي بين مكونات الأمّة، والتكامل في ما بينها لحفظ استقلال بلادنا وحماية أمننا القومي والإسلامي والمباشرة في عملية البناء الداخلي والتنمية الشاملة".

واعتبر فضل الله انه "هنا لا بدّ للأمّة بكل قياداتها المخلصة أن تعمل لتطوي صفحة الاقتتال الداخلي، والاستعداد لاستعادة الوجدان الإسلامي تجاه فلسطين المغتصبة من كيان العدوّ والمستهدفة كقضية من خلال حركة الإجرام التكفيري الذي يفرغ الإسلام من مضمونه الحضاري ويقع فريسة تهيئة الأرض لضرب كلّ الأمّة في قضاياها الكبرى وأولويّاتها الاستراتيجية".

وأضاف: "أما على صعيد العلاقات العربية ــ الإيرانية، فإننا نريد لها أن تكون على أحسن صورة، ما يعيد تحديد العدو الذي دفعت الأحداث العاصفة لاعتباره إيران، ما أفاد الكيان الصهيوني، وأحدث صراعاً عربياً ــ إيرانياً حاداً هو خلاف منطق الإسلام والمصالح وحقائق التاريخ والجغرافيا"، موضحاً انه "ليس في إمكانك أن تستعدي كيانًا هو جزءٌ من نسيج المنطقة، ويضرب وجوده في عمق تاريخها، فكيف إذا كان يشدد على الدفاع عن القضايا الكبرى لهذه المنطقة".

وأردف: "إننا نعتقد بأنّ الأرضيّة مهيّأة اليوم للتعاون بين الدول العربية وإيران، لإعادة النظر في السياسات الماضية، ولا بد من استغلال التطورات الدولية المستجدة لمقاربة هذا الملف بطريقة إيجابية مختلفة".

وتابع: "أما لبنان الذي تكشف الأحداث المزيد عن عيوب نظامه السياسي، وآخرها ملفّ النفايات الذي كشف أن كثيراً من السياسيّين ليس لهم من هم أو سياسة إلا مصالحهم الخاصة ولو على حساب هذا الشعب الفقير، والذي يشهد كلّ ليلة زيادة في الدَّين العامّ لبلده، وضيق أفق الأمل في العيش الكريم من دون أن يكف هؤلاء السياسيين عن ممارسة سياسة: "احلب الدرَّ فإن جفَّ فاحلب الدمّ".

وتوجه للسياسيّين بالقول: "لو كنتم جادّين في تحقيق مصالح الشعب لفتحت لكم كلّ المناطق أبوابها؛ لأنّ إعادة تدوير النفايات تساهم في حلّ مشكلات المعيشة من ماء وكهرباء وخدمات، وليس من أحدٍ يرفض ذلك؛ ولكن هل أعطيتم الثقة من أنفسكم خلال كلّ هذا التاريخ من الحكم الذي يثبت كلّ يومٍ أنّ الناس آخر همّه".

أمّا الشعب، فرأى فضل الله انه "لا بد أن يثبت لنفسه وللحكّام أنّه يعرف ماذا يريد، وكيف يحرّك الوسائل في تحقيق ما يريد، وهذا يتطلّب أقصى درجات الوعي والحذر من المواقف المرتجلة، والتي تصيب الناس في أوضاعهم وأرزاقهم وتنقّلهم، وتشكّل فرصة سانحة للكثير من السياسيّين للاستمرار في سياساتهم السابقة التي لا تصبّ في النهاية في مصلحة الوطن وشعبه"، معتبراً أنّ "نجاح حركة المطالب في هذا الملفّ، يمكن أن تنعكس ثقافة جديدة في اتجاه فرض التعاطي بجدّية مع ملفّات أخرى، كالنفط والغاز والمياه والدين العامّ، وإنّ بلدا استطاع تحقيق الانتصار على العدوّ الصهيوني، وفرض توازن القوّة ضدّه، قادر على أن يحقّق النصر الاقتصاديّ والاجتماعي والسياسيّ، في أن يفرض منطق الوطن على منطق الطوائف والمحسوبيّات وجيوب المترفين".