شكلت زيارة وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية محمد جواد ظريف الى لبنان التي تبدأ اليوم الثلثاء وتنتهي غداً الاربعاء، عاملاً في ارجاء التحرك الذي سيباشره رئيس تكتل التغيير والاصلاح وحصرا رئىس التيار الوطني النائب العماد ميشال عون، سياسياً وشعبياً كاعتراض على قرار وزير الدفاع الوطني سمير مقبل بالتمديد للقادة العسكريين وايضاً حصراً لقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، بحيث يبقى الأخير بعد 21 ايلول المقبل قائداً للجيش اللبناني لمدة سنة، وكذلك مرشحاً رئاسياً منافساً للعماد عون.
وارجاء عون لتحركات تياره شعبياً، مراعاة لحليفه «حزب الله» الذي يفضل الاتحاط زيارة «قاهر الشيطان الأكبر» في المفاوضات النووية اي رئيس الديبلوماسية الايرانية محمد ظريف بحالات من الشغب والفوضى الاعلامية ـ السياسية، بما من شأنه ان يطغى على بعدها الاقليمي ورسائلها المختلفة الاتجاهات، وبينها ان طهران شريك اساسي لدول مجلس التعاون الخليجي في رسم الحلول واستنباط الارشادات المطالبة بالحلول السلمية في الاقليم العربي الذي غزته ايران.
اذا، بعد انتهاء زيارة ظريف يوم غد الاربعاء، يبدأ العد العكسي المعلق للتيار الوطني الحر، والمرتقب حسب معلومات اولوية ان يكون امام السراي الحكومي التي تآمر مكوناتها على الزعيم المسيحي الذي شكل علامة فارقة في تاريخ المسيحيين منذ استقلال لبنان حتى اليوم، نظراً لحجمه الشعبي الذي يوازي في اسوأ حالاته حجم القوى الحزبية المسيحية في قوى 14 آذار، اي ان الانتصار على عون، معناه قهر نصف المسيحيين على قاعدة استيعاب النصف التالي. ولذلك يرفض عون ان يكون الشاهد على هذا الواقع وستكون ردات فعله حسب محيطين به، حاملة لتداعيات ليس من السهل على الحكومة تحملها وبنوع خاص الوزير مقبل الذي تطوع لأن يكون رأس حربة في قتال عون، بهدف تقديم اوراق اعتماده للقوة «القاهرة» لتعيده لاحقاً الى منصبه هذا، بعد انتفاء الحالة الظرفية التي ترافقت مع الحكومة الحالية وتنتهي بانتهائها.
وفي حين يُسجل على عون خطأه في توجيه الكلام القاسي في اتجاه العماد قهوجي المؤتمن على هذه المؤسسة، ويغالطه حتى حلفاؤه على حملته عليه، لكونه ملتزم قرارات السلطة التنفيذية، فأن عون وفق المحيطين به، اراد من كلامه هذا، دفع قهوجي لعدم تحريك الجيش اللبناني للحفاظ على الأمن والمؤسسات على ما هي مهمته، من أجل تحويل المواجهة مع قوى الامن الداخلي نظراً لرمزية هذه المواجهة التي من شأنها ان تزخم الحراك على خلاف ما قد يكون عليه الامر مع الجيش اللبناني، عدا ان تحييد الجيش اللبناني قد يسهل لمناصري التيار التحرك في عدة اماكن ولا سيما المناطق الحيوية اسوة بالسراي وعدد من المؤسسات الرسمية التي ينوي عون اسقاطها في يد مناصريه وسيطرتهم عليها، حتى عودة وزير الدفاع عن قراره.
وان كان المرشح عون مستمر في قراره ولن يتراجع عنه طالما هو «موجود»، كما اعلن سابقاً، وواثق في الوقت ذاته، بأن حليفه «حزب الله» مستمر في دعمه رئاسياً، لكنه في الوقت ذاته يستشعر بأن ثمة قرار بضربه واضعافه قبيل انطلاق مسار التسوية في المنطقة على وقع التفاهم السياسي ـ غير المعلن في الاتفاق النووي بين طهران وبين مجموعة الست وبنوع خاص واشنطن ولذلك سيعمد الى رفع سقف مطالبه وتحركاته لا سيما انه لمس ان قرار تحجيمه يدخل به بعض حلفائه في عدد من المحطات.
وان كان بات واضحاً بأن شقاً واسعاً مما يواجه عون يأتي على قاعدة اعتبار مطالبه خاصة اسوة باندفاعه نحو رئاسة الجمهورية ام لتعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش اللبناني، فان ثمة تصرفات في نواحي لا تحمل طابعاً شخصياً، بل تهدف للحد من الدور المسيحي ونجاحاته من خلال عرقلته، على غرار عدم صرف وزارة المالية مستحقات تعود لوزارة الخارجية منذ رعاية الوزير جبران باسيل للمؤتمر الاغترابي الناجح، وكأن ثمة قرار بافشال عمل وزارة الخارجية التي يتولاها مسيحي، عدا ان وزارة المالية اوقفت في الوقت ذاته صرف اموال ومخصصات تعود لمديرية امن الدولة الذي يرأسه اللواء جورج قرعة، وهو ضابط غير مقرب من عون تتابع الاوساط، بل لكون مساعدة من الطائفة الشيعية ويريد ان يتحكم بقرارات مديره اللواء قرعة، في خطوة تعكس تصرفات حليف الحليف مع المسيحيين. في حين ان اداء تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي ليس افضل من خلال ممارسات التسلط التي يعمدونها في حق حلفائهم الذين تراجعوا عن المطالب المسيحية منعاً لازعاجهم...
ولكن عون الذي يرفض عرض رفع سن تقاعد الضباط حسب محيطين به لقناعته ان العميد روكز لن يعين ابداً قائداً للجيش اللبناني في اي مرحلة مقبلة، سيلجأ الى التحرك الذي رسمه لمواجهة هكذا محاولات اذلال للمسيحيين، وان ما يمكنه من الصمود هذه المرة، هو ان تكتله النيابي يشكل مانعاً من اسقاطه او تجاوزه خلافاً لما حصل معه في 13 تشرين نتيجة عدم التكافؤ العسكري، انما اليوم ينطلق من كتلة نيابية ـ شعبية وازنة مع قناعته بأن كل من رئيسي حزبي القوات والكتائب اللبنانية سمير جعجع وسامي الجميل هما في وجدانهما معه.. ويريدان ان يخوض هذه المعركة مع «القاهرين».