عون يحرك المياه الراكدة - «كلما جن صاحبك... افرح له»
عبارة يتيمة يطلقها خصوم الجنرال عون ردًا على الحراك الجماهيري الفالت من أي قيد إقليمي ودولي.
وتتوزع أمنيات هؤلاء الخصوم بين إزالة عون من الوجود وبين غرقه هو وتياره لمرة أخيرة قاضية في مستنقع الحلول المنتظرة لبسط الأمن والهدوء بين مختلف القوى المتحاربة منذ هبوب الرياح مع بدء «الربيع» الذي ضرب الكيانات العربية. فيتمنى الخصوم أن يبقى عون يغرد خارج سرب الحلول كي يقع فريسة القراءات الخاطئة حيث لا قيامة له من بعدها.
ويسأل الخصوم عن المدى الديناميكي التي تختزنه الرابية للاستمرار في شحن النفوس المستدام خصوصًا ان الجمهور العوني الذي لبى النداء شارك بعدما خرج عليهم الجنرال شخصيًا لشحذ الهمم والاستنفار. وهذا أمر لن يحدث لمرتين تتوازى فيهما الهمة والاندفاعة ويشير الخصوم الى أن المحازبين وقعوا ضحية المزايدات المستمرة بين الناشطين والنواب في مختلف الاقضية. وبات كل قضاء أو منسقية يتباهى وبحسب خصوم عون بانهم الأقدر والانجح في الحشد أو في إختراع المشهد الذي يحاكي غضب واعتراض العونيين. .من أكبر حشد إلى مشهد السيكار وفتح الشمبانيا وصولا إلى سباق نيابي على تصدر المشهد الإعلامي على الشاشات والنقل المباشرالذي بدأته الـ OTV، ومن ثم لحقتها سائر المحطات بعدما تأكد لها بأن ضخامة التظاهرات باتت مادة إعلامية دسمة. وفي الموازاة قرر خصوم الجنرال الظاهر منهم والمضمر «سحق» عون.
كلمة «سحق» محببة لدى العونيين للدلالة على مدى كونهم ضحايا دائمين داخل الوسط السياسي. يقول الخصوم، وأولى طلائع معركة السحق كانت في التمديد العسكري الذي إنتهى باحتفالات لحفد والتوزيع المتعمد للصور على بعض وسائل الإعلام التي أوصلت الرسالة الواضحة للرابية بأن من اظهرتهم الصورة هم الذين انتصروا على الجنرال عون. لكن في المقابل فتش العونيون عن الذين يقفون خلف الصورة وفي الكواليس أو عن الذين لم تظهر صورهم واضحة وفاضحة في معركة «السحق». والرابية دخلت في مرحلة الشكوك. فهي لم تعد تأمن للتطابق الإستراتيجي مع حليف حليفها.
.كما أن أوراق النوايا لم تعد صالحة لاستمرار الهدنة الهشة داخل البيت المسيحي خصوصا ان هذه الهدنة يخرقها إصرار الموقع الإلكتروني للقوات اللبنانية على اختيار المقالات من هنا وهناك التي تهاجم العماد عون على قاعدة «ما خصنا هم كتبوا هكذا ونحن نمارس الديمقراطية والحرية الإعلامية».. كما أن التيار يجد في إصرار المردة على الإشادة بالصداقة مع العماد قهوجي وعلى عدم الفراغ في المؤسسة العسكرية هو تشجيع الخصوم وتغطيتهم في المعركة الكونية ضد الجنرال. كما أن حزب الكتائب يضع رجلا في البور والأخرى في الفلاحة. مما دوّخ العونيين واصابهم بالدوار. .كتائبيون في السفارة الإيرانية وآخرون يهاجمون الرابية دون هوادة. ومنهم من يهاجم بعض الرموز في قوى 14 آذار في بعض الملفات، فيما الكتائب كانت ولا تزال من أركان الفريق الاذاري.هذه اللازدواجية والغموض في المواقف سيكونان العنوان الأبرز في المراحل المقبلة حيث ستضع الرابية الجميع أمام المسؤولية تجاه الرأي العام المسيحي .فالجنرال عون الذي يخوض معركة استرداد الحقوق المسيحية في مواجهة الشركاء في الوطن لن تردعه عملية فتح الملفات الأخرى خصوصا المتعلقة بالمواقف المتخاذلة لتلك القوى السياسية ويعتبر العونيون أن «أبواب المحرمات» فتحت على مصراعيها ولم يعد اي موضوع عصيا على التداول .
.فالذين شربوا الانخاب احتفالا بالنصر المزعوم سيجدون لاحقا ان الملفات ستلاحقهم، وان «التابو» الموضوع على بعضهم سوف يزال والايام المقبلة ستكون شاهدة على ما يقوله أنصار التيار.
وما على المشككين سوى متابعة البرامج السياسية حيث المداخلات الإعلامية ستكون حافلة بالجرأة والصراحة وبسقوط «الهالات» التي اخترعوها كي يتسنى لهم الاستثمار والهيمنة على مقدرات الوطن. ويؤكد العونيون على أن لا عودة إلى الوراء حيث كانت التسويات هي الشعار الدائم لهم كي تتسنى لهم عملية السطو أمام أعيننا بعدما ارتضينا التسوية كرمى لمقتضيات السلم الأهلي ومنعا لأي صدام سني -شيعي. وهكذا استمروا بالسطو على ذات الوتيرة ولم يتوقف الصراع السني - الشيعي كما ان السلم الأهلي لا يزال يتراقص على كف العفريت إذا نحن اوقفنا عداد التسويات.
يؤكد ويشدد العونيون على ذلك ويضيفون أنه من الآن وصاعدا سوف نتقاسم ما لنا لنا وما لكم لكم. كالشركاء الحقيقيين وعندها نحن وانتم سنكون سويا في خدمة جميع اللبنانيين..
الغضب العوني لن يتوقف أمام تحقيق الشراكة الحقيقية فقط بل سينطلق إلى سائر الملفات.فالنفايات مثلا التي تنتشر في كل مكان سيكون لها حيز في الشارع الغاضب ومثلها الكهرباء والمياه ولن يتوقف غضب الناس المحتجين إلا بتشكيل لجان تحقيق لكشف المستور في قضية اثقلت خزينة الدولة بعشرات المليارات. ولا بأس من العودة إلى زمن شركة «انسالدو «وكيف تم عزل الوزير الآدمي جورج فرام من وزارة الطاقة عندما طلب الوزير الراحل دراسة الملف قبل الموافقة وصولا إلى العراقيل التي وضعت أمام الوزير جبران باسيل. فالابراء المستحيل ستتوسع مهماته ليدخل في العمق الى دهاليز الكهرباء والمياه وفي كل تلزيمات وزارة الأشغال منذ العام 1990حتى الان.
كما أن الهاتف الخلوي و«اوجيرو» ومجلس الإنماء والإعمار ستكون كلها في دوائر المساءلة يضيف العونيون. قد لا يصدق البعض اننا ذاهبون إلى النهاية في محاربة الفساد يوضح العونيون ويضيفون : انتظروا فالمسيرة بدأت وعدنا إلى انطلاقتنا منذ البداية ولن نعود إلى السنوات العجاف حيث التسويات لم تردع الشركاء من السطو المبرمج على كل شيء وصولا إلى النفايات ومطامرها. .
ويكفي المشهد الذي حول جبل النفايات في النورماندي إلى منطقة سياحية استفاد من خيراتها وارباحها الفريق ذاته الذي امتهن السطو المستدام. .
ومن يشرب الانخاب في نهاية الأمر هو الذي ينتصر في المعركة التي تدور رحاها الان في الشارع. .
فهل تنتصر التسوية عبر تأمين البدائل في ملف التعيينات والتمديد ويعود كل شيء إلى نصابه السابق وينسحب العونيون من الشارع ؟ام ان لعون رأياً آخر لن يفتح فيه اي كوة في الباب منعا للتمادي في عمليات السطو المنظمة ؟ الاحتمالان متوفران وبينهما الأوضاع الإقليمية الدقيقة والحرجة واتفاق نووي وضع خريطة الطريق لمعالجة أزمات المنطقة وفق تسلسل زمني حسب الأهمية. فهل التقط العماد عون اللحظة الإقليمية المناسبة؟ ام سيقع ضحية الأجندة الموضوعة بإحكام ؟