ليس أمام اللبنانيين إلا مواجهة الإرهاب الذي صار حقيقة في الحياة اليومية منذ سنوات عدة. يحتاج اللبنانيون إلى فهم عميق لطبيعة الحركات التي تسمي نفسها جهادية وتضع في رأس أولوياتها بناء دولة تشبه طالبان، كما على اللبنانيين أن يملكوا الأدوات والوسائل لمواجهة هذه الحركات.
إذاً، الفهم العميق والأدوات كفيلان بأن لا يسقط هذا الوطن في البؤس والجاهلية وحكم الحركات البلهاء التي تعيش في الظلام وتريد أن ترسو على أرض لطالما استطاع أهلها إفشال كل مخططات التمزق والتقسيم والهيمنة والأسرلة التي جرت على سطحها.
ما زالت أمامنا مشكلات كثيرة لكن المطلوب دائماً وأبداً أن يؤسس اللبنانيون لخطاب سياسي ثقافي ديني يؤكد على التالي.
أولاً: لبنان بلد واحد وأرضه واحدة غير قابلة للتقسيم أو الإدماج في أي دولة أو إمارة.
ثانياً: لبنان بلد التعايش التي تشكل فيه الطوائف فروعاً إنسانية وثقافية تعلو على العنصرية والتصنيف.
ثالثاً: لبنان بلد التسامح ولا يمكن أن ينساق للطوبويات السلفية والهذيانات التي تصدر عن بعض مشايخ الفتنة كلما مالت الدنيا يميناً أو شمالاً. بالتالي إنّ لبنان يقع على نقطة التقاء المجرى الديني بالإنساني بالحضاري وهو في مكان تجتمع فيه فضائل الدين وفكر الإنسان وثقافة المجتمع. وهو في مكان تلتقي فيه قوة المقاومة وقوة التعددية وقوة الأخوة.
والنتيجة التاريخية التي يمكن أن نحصل عليها بعد كل هذه السنوات أنّ التعايش كان أقوى من اختلاف الزعماء والقوى السياسية. ووحدة الأرض كانت أقوى من همجية الاحتلال. والتسامح كان أقوى من فتاوى التكفير.
لكن إذا كنا قد انتصرنا طيلة هذه الأعوام فلأننا كلبنانيين كنا حريصين على هذه الفضائل والثوابت الدينية والوطنية والإنسانية، فلا يجوز أن ننهزم أمام التردي الاجتماعي والملفات التي تحط من كرامة اللبنانيين.
مهمة اللبنانيين أن يطوّروا نظامهم، وأن يلجأوا إلى تقوية بناهم الوحدوية في زمن انفتحت فيه شهية التوحش والخروج عن القيم في العالم أجمع.