تُشكل مخيمات "فتوّة النصر"(1)، التي افتتحتها حركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين بكافة محافظات قطاع غزة، نموذجاً جديداً في التدريب وإعداد جيل جديد مسلح بالوعي، وقادر على حمل الأمانة والقضية، كما يقول مدربو "سرايا القدس".
وللحظة ما، تبدو وكأنك داخل معركة حقيقية، فصيحات الفتية وهم يقفزون من علو، وبعضهم الآخر آخذ الأرض زحفاً من مسافة صعبة، إضافة إلى نداءات وتوجيهات المدربين ترسم صورة حقيقية لمعركة عسكرية، داخل احد مواقع "سرايا القدس" في غزة.
وتحرص حركة الجهاد كل عام عبر تدريب هؤلاء الفتية ضمن هذه المخيمات، على كافة فنون القتال والمهارات العسكرية، إضافة إلى محاضرات ونشاطات ثقافية فكرية وقيمية وتوعية، تدريبات يقول مسؤولون في الحركة إنها تهدف إلى إعدادهم لمعركة النصر والتحرير.
جيل النصر
وفي هذا السياق، أكّد القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين أحمد المدلل أنه من خلال هذه المخيمات نُعد جيل النصر والتحرير، إذ إنّ المقاومة استطاعت أن تصنع معادلة جديدة مع العدو الإسرائيلي وهي معادلة توازن الرعب والردع، لافتاً إلى أن "الجيل القادم هو جيل النصر".
وفي حديث إلى "النشرة"، وجّه المدلل رسالة للاحتلال الإسرائيلي قائلاً: "نقول للعدو، نحن وضعنا أقدامنا على خطى الانتصار"، مشيراً إلى أن الحركة تُعدّ الشباب عقائدياً وفكرياً وعسكرياً، موضحاً أن الحركة تنظر إلى هذا الجيل بنظرة تفاؤل، سيما وأنّه "الجيل الذي يسير على درب المجاهدين في سرايا القدس وحركات المقاومة".
وعن آلية اختيار الفتية الذين لوحظ أنّهم ضمن الفئة العمرية من 12 إلى 16 عاماً، قال المدلل: "نحن اعتمدنا على أنّ هذه الفئة هي أكثر استيعاباً، وهي عاشت حالة الرعب التي حاول العدو الإسرائيلي أن يزرعها في قلوب شعبنا في حرب ضروس قتل فيها الأطفال والرضع والرجال والنساء ودمر البيوت، وعاش أبناؤنا في مثل هذا السن حالة الهلع والخوف".
وتابع: "نحن نزعناها من قلب هؤلاء الفتية وغرسنا في قلوبهم الشجاعة والفتوة والإقدام والتضحية، والسير على درب القادة والشهداء".
تدريبات متنوعة
وتلقى الفتية في هذه المخيمات عدة تدريبات وندوات من بينها عسكرية مختلفة تتناسب مع أعمارهم، من قبل مجموعة مختارة من مدربي "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين، وأعضاء من لجنتها التنظيمية، شملت فنونًا قتالية مثل وضعيات الرماية المختلفة على أسلحة "كلاشنيكوف"، وتدريبات على أسلحة متوسطة وخفيفة، إضافة إلى عروض كشفية وتدريبات فنون قتالية.
عن هذه التدريبات يقول الناطق باسم "فتوة النصر" عوض أبو دقّة، إن التدريبات تؤسس لديهم النواة بأن يكونوا من مقاتلي "سرايا القدس" مستقبلاً، لافتاً إلى أنّه تم التركيز في هذه المخيمات على قضايا تهم هؤلاء الفتية، وفق برنامج شامل اعتمدته الحركة ملائم لأعمارهم.
وفي حديث إلى "النشرة"، قال أبو دقة، إن البرنامج ثقافي فكري ديني وتربوي، وعسكري، أرادت الحركة من خلاله أن تصنع جيلاً متسلحاً بالإيمان والوعي، وقادراً على حمل أمانة الدين والتحرير، وفق قوله.
وأضاف أبو دقّة: "هؤلاء فتية نعقد عليهم آمالاً كبيرة ونتمنى أن يكون لهم باع كبير في معركة التحرير القادمة، تحرير المسجد الاقصى والقدس الشريف" حسب قوله.
ولفت أبو دقّة، (المسؤول الإعلامي عن هذه المخيمات)، إلىأن التدريبات انعكست ايجاباً على هؤلاء الفتية، وركّزت على ترسيخ الوعي لديهم، وتعزيز قيمهم الفكرية، إضافة إلى صقل مواهبهم واكتشافها.
إصرار وعزيمة...
ويقول الفتى "رضوان" (15 عاماً)، إنّ هذه المخيمات تزيدنا إصراراً على الدفاع عن وطننا وأرضنا، التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي في الحرب الأخيرة على غزة، لافتاً إلى أنّه استغلّ إجازته الصيفية في التعلم والاستفادة من هذه المخيمات.
ويقول لـ"النشرة": "هذه المخيمات دفعت فينا روح العزيمة والإصرار على مقاومة المحتل، وحب الوطن من أجل تحرير فلسطين، في الوقت الذي يعتدي فيه الاحتلال على أبناء شعبنا في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والقدس".
وعن تدريبه على الفنون القتالية المختلفة والأسلحة العسكرية، أضاف رضوان قائلاً: "منذ البداية كنت متشوقاً للتعلم على الأسلحة، رغم أنّ ذلك كان صعباً بالنسبة لي، وأصبحت سعيداً بذلك".
وبينما كان "رضوان" يتحدث لنا قاطعه زميله "أحمد" ذو الستة عشرة عاماً، بالقول: "نحن الآن أصبحنا قادرين على حمل السلاح في أي معركة قادمة مع الاحتلال الإسرائيلي ومن حقنا الدفاع عن أرضنا وكرامتنا ووطننا الذي يدنسه الاحتلال".
ويوضح "رضوان"، أن زملاءه شجّعوه على الالتحاق بهذه المخيمات، لما لها من فائدة كبيرة تعود عليه، إضافة إلى تشجيع والده على ذلك.
وتبدو معالم الإصرار والعزيمة واضحة على وجه الفتى "أحمد"، إذ ينوي الالتحاق في ذات المخيمات خلال الإجازة المدرسية العام المقبل كما قال.
(1)خرّجت حركة "الجهاد الإسلامي" 6000 مشارك ضمن الفئة العمرية من 12 إلى 16 عاماً. الأسبوع الماضي في مخيماتها الصيفية "فتوة النصر" في كافة محافظات قطاع غزة، وسط مشاركة واسعة من فئة الأشبال بـ7 مواقع عسكرية تابعة لـ"سرايا القدس" فتحتها لذلك.
للاطلاع على مزيد من الصوراضغط هنا