لم ينجح مجلس بلديّة بعبدا والذي يشمل كلاً من بلدات اللويزة والفيّاضيّة وسبنيه في نطاق بلدي واحد، في المُهمّة التي أوكلها الناس إليه في العام 2010، فعصَفت الخلافات بين كل من رئيس البلدية الدكتور هنري كاراميلو الحلو ونائبه الدكتور أديب النوّار وباقي أعضاء البلديّة(1)، على الرغم من إحتساب الأغلبيّة الساحقة من هؤلاء سياسياً على "التيّار الوطني الحُر"، لتتوالى الإستقالات تباعاً، وُصولاً إلى إستقالة أكثر من نصف أعضاء المجلس البلدي، وإعتبار البلديّة بحكم المُنحلّة حُكماً!
كثيرة كانت الوعود عند الترشّح، وكثيرة كانت أفكار المشاريع الإنمائيّة، لكنّ النتائج كانت أكثر من مخيّبة للناخبين الذين يبلغ عددهم نحو خمسة آلاف، في هذه المنطقة الحيويّة جداً في جبل لبنان، كونها تضمّ القصر الجمهوري ووزارة الدفاع، ومجموعة واسعة من المراكز الحُكوميّة والإدارات العامة ومراكز الهاتف والبريد والدوائر العقارية والمالية إضافة إلى مستشفى بعبدا الحكومي، إلخ. ومع إنفجار أزمة تراكم النفايات في الشوارع، تحوّلت طرقات بعبدا-اللويزيّة-الفيّاضيّة-سبنيه، إلى أكوام من النفايات. وباتت المشاريع الإنمائية التي كانت تسير بوتيرة بطيئة جداً أصلاً، مشلولة بشكل شبه كامل في ظلّ فوضى عارمة وتخبّط غير مُبرّر. وفي هذا السياق، وما أن إنتهت البلدية قبل بضعة أشهر، أي قبل حلّها، بتزفيت كيلومترات عدّة من النطاق البلدي بميزانيّة ضخمة، حتى عادت الحفريّات لتدمّر كل ما أُنجز بعد طول إنتظار، بحجة ضرورة القيام بتمديدات لبنى تحتيّة جرى إغفالها!
وقبل ذلك، لا يُمكن الحديث عن أيّ مشاريع تنمويّة مُهمّة، في ظلّ كلمة مسموعة للناخبين الذين حالوا دون توسيع بعض الطرقات في البلدات الملحقة ببلديّة بعبدا كما كان مرسوماً في الخرائط الرسميّة، حتى لا يخسروا أجزاء من أملاكهم وأراضيهم، علماً أنّ المنطقة تشهد فورة معماريّة ضخمة حوّلتها من قرى صغيرة إلى بلدات عامرة بالسكان، ما يستوجب نهضة مُرافقة في البنى التحتيّة. والخوف من الثقل الإنتخابي الذي يُشكّله نحو خمسة آلاف ناخب في هذه المنطقة، جعل مشاريع فصل بلدة اللويزة(2)بالتحديد عن بعبدا، يُواجه باعتراض شرس، لأنّ من شأن ذلك أن يجعل أصوات ما يُعرف بعرب سبنيه حاسمة على بلديّة بعبدا!
واليوم، وبسبب حلّ البلدية، وعدم إمكان إنتخاب أو تشكيل أخرى، أنيطت مسؤولية النطاق البلدي لمحافظ جبل لبنان الحالي (بالوكالة) المهندس فؤاد فليفل، علماً أنّ الأخير يحمل الكثير من الملفّات التي تتطلّب التفرّغ التام، خاصة بعدما عُيّن في منصب الأمين العام للمجلس عند إحالة الأمين العام السابق سهيل بوجي إلى التقاعد. وبالتالي، إنّ سُكّان بعبدا-اللويزية-الفيّاضيّة-سبنيه يدفعون ثمناً مُضاعفاً لتراكم النفايات، بسبب الغياب التام لأيّ محاولات خجولة لمعالجة الأزمة، كما حصل في بلدات ومناطق أخرى.
فهل من العدل والمنطق أن يدفع عشرات الآلاف من السُكّان ثمن الخلافات الداخليّة لأحد المجالس البلديّة؟ سؤال برسم المُحافظ الذي أوكلت إليه مهمّة تسيير شؤون بلديّة بعبدا والمحيط مُوقّتاً؟
(1)السادة: بيار بو خليل، جيرار حلو، إلياس القصيفي، جوزيف حريقة، رامي بو خليل، إلياس بو خليل، جهاد الخوري، جو أسمر، بدري الجلخ، أنطوان الخوري الحلو، بيار أبي راشد، وشوقي فيّاض.
(2)باتت بلدة اللويزة تتمتّع بعدد كاف من السُكّان، يسمح لها بأن تحظى ببلديّة مُستقلّة، على أن يتم تمويلها من الضرائب والرسوم المفروضة على أهل اللويزة وسُكّانها الجدد الذين توافدوا إليها بأعداد كبيرة من مختلف المناطق نظراً لموقعها القريب من بيروت ولطبيعتها الخضراء ولأجوائها الهادئة.