لا يصح التساؤل عمن وجد قبل الاخر البيضة ام الدجاجة في سياق إيجاد حل للازمة الراهنة التي تعيشها البلاد اثر تحركات منظمات المجتمع المدني التي تطالب بايجاد حل لكارثة النفايات مطعمة شعاراتها بمطالب سياسية تعجز عن تحملها القوى السياسية نظرا لتداعياتها على الواقع اللبناني، من خلال مطالبتهم باسقاط الحكومة والنظام مع ما تبع التحرك من ربط بين دور تحريضي للولايات المتحدة الاميركية وبين هؤلاء الذين ينشطون في اطار منظماتNGO التي تدور في فلك الحسابات الأميركية ولم يبدد هذا الاتهام نفي السفارة الأميركية عبر مصدر رسمي فيها لأي دور في هذا الحراك على ما يقول مسؤول رفيع في منظومة الدولة اللبنانية المبتورة الرأس.
اذ في معطيات المصدر ان واشنطن وجدت عدم تجاوب إيراني مرتقب كانت عولت عليه بعد الاتفاق النووي وأقله على الساحة اللبنانية من خلال الدفع بحلفائها المحليين لإخراج البلاد من الفراغ الرئاسي، لكن سلوكية الجمهورية الاسلامية الإيرانية بقيت على حالها ...عندها شجعت واشنطن المتظاهرين لتحريك «الستاتيكو» القائم الذي يناسب كل من النظام السوري وحزب الله اللذين يريدان الحفاظ عليه، وذلك من اجل دفعهما لتسهيل عملية انتخاب رئيس للجمهورية بهدف ضمان عزل لبنان عن تطورات المنطقة وإشراك كافة القوى في عملية اختيار رئيس للبلاد...
لكن حصل ما يحصل عادة في معظم التحركات الشعبية من خروقات وعدم قدرة على لجم المتظاهرين فكان المندسون الذين ارادوا تكبير حجم الحراك لتعطيله وانزلق الناشطون نحو اللاعودة تقول اوساط متابعة، الى واقعية المطالب وفق قاعدة «اذا أردت ان تطاع فاطلب المستطاع » وبدأ تجاوز الخطوط الحمر التي تفصل مبدئيا بين الحراك السلمي وبين الانقضاض على الدولة وقواها الامنية وإسقاطها دون تأمين بديل سريع لتلبية المطالب الظاهرة أقله أسوة بملف النفايات الذي عجزت او فشلت حكومة قائمة ومدعومة دوليا - اقليميا في حله ولذلك لن تتمكن من إيجاد حلول له حكومة تصريف اعمال.
ومن هنا فأن اعتبار انتخاب رئيس الجمهورية يشكل مدخلا لحل ازمة النفايات لا يحاكي الواقع الا اذا توقفت التحركات بعيد إنهاء الفراغ وفق الترابط الذي يجعل الحراك مدخلا لملء قصر بعبدا، إنما في الوقت ذاته لو خلصت جلسة الاول من امس الى انتخاب رئيس فلا يعني ان الحراك سيتوقف تؤكد الاوساط، اذا ما بقي ملف النفايات مفتوحا والشركات الطامحة لم تلزم واذا لزمت ليست جاهزة في المدى القريب لمباشرة عملها ولم يفتح مطمر الناعمة مجددا وتأخرت المساعي التي يديرها وزير الداخلية نهاد المشنوق part Time بعيدا من الاعلام مع فعاليات عكار الى جانب دوره كرئيس مجلس امن مركزي وما عليه من مهام امنية للحفاظ على الاستقرار الأمني وهيبة الدولة بالتوازي بين تأمين حق التعبير وحماية مؤسساتها وايضا في موازاة الرهان على عضو اللقاء الديموقراطي وزير الزراعة أكرم شهيب لإيجاد حلول لازمة النفايات من خلال مسار يشكل حلا وقتيا موضوعيا برعاية النائب وليد جنبلاط ،بعد ان أوكل الى شهيب الملف لتحقيق هذه الغاية ،بحيث تندرج مهمته في خانة اخراج البلاد من هذه الحال خلافا لمسؤولين من الذين يطالبون بفتح مكب الناعمة نظرا لمصالحهم المالية مع شركة سوكلين ولادخال الأموال لحساباتهم تحت شعار الحرص على الوطن وتعزيزا للتاريخ.
ولذلك فانه لو مضى يومين على انتخاب الرئيس لاعتبارات الحكومة وفق الدستور حكما مستقيلة ولأخرجت كافة القوى في الحكومة المستقيلة حكما ذاتها من أدوارها لتعذر رعاية التسوية او التفاهم والذي سيطول بعد الاستشارات النيابية الملزمة ومرحلة تشكيل الحكومة الجديدة نظرا لكون البت في التلزيم وتأمين الحل الفوري لجمع النفايات يتطلب تسويات كما في السابق لكن دون اغفال تأثير أولي للحراك المدني اذا ما اجاد صقل دوره بحيث يكون تمكن من وقف السرقات الموصوفة رغم استمرار المحاصصة الطبيعية للتوازن اللبناني.
وعليه كانت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري بهدف وضع القوى السياسية على خط الجهوزية للتسوية تقول الاوساط، بحيث ان الكرة التي رماها في اتجاه ملعب القوى السياسية استلقاها رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري ووضعها في سلته مؤكدا بذلك على ترجمة مضيّه في سياسة الحوار الهادفة لتطويق التوترات التي تعيشها البلاد ،لا سيما ان التظاهرات عكست وجع الرأي العام الذي انتقى خيارات اقتصادية - انمائية -ا جتماعية وقدمها على المواضيع السياسية الخلافية التي وزعت اللبنانيين على محوري 8 و 14اذار.
وفي ظل دعوة للحوار تشكل حاجة للبلاد وكذلك قلقا من شارع يموج تحت معظم القوى كانت الاندفاعة السريعة لتلبية دعوة بري الذي مهد لها مع قوى الداخل بالتزامن مع ديبلوماسيين ممثلين للخارج ونقلوا اليه تشجيع بلدانهم لها، فكان جدول الاعمال الذي وازن بين تلبية المطالب وتبديد الهواجس تضيف الاوساط، فشكل بند الملف الرئاسي مخاطبة للمسيحيين الرافضين للفراغ والمؤيدين له كل وفق «نواياه» وكذلك جاء الكلام عن اتفاق الطائف إشارة واضحة من الزعيم الشيعي الى نظيره السني (سعد الحريري) الذي يكفيه هذا التعهد بالحفاظ على هذه الصيغة المفترض ان تثبت للسنوات الست المقبلة بانتخاب رئيس للجمهورية، والى جانب ذلك دعا بري القوى المسيحية لمناقشة قانون الانتخاب واستعادة الجنسية الذين حالا دون عمل مجلس النواب الذي وضعه على جدول الاعمال الى جانب العمل الحكومي، وغاب موضوع سلاح حزب الله وما له صلة بهذا الامر ولم يعلق المستقبل اي ان بري اصطاد القوى السياسية بالجاروفة او الشبكة وليس بالصنارة على ما بدت المواقف الإيجابية حتى حينه باستثناء القوات اللبنانية التي أبدى رئيسها سمير جعجع تحفظه حتى الان ولم يعطِ جوابا نهائيا حتى حينه لا سيما ان جعجع لا يزال يجد ان سلاح حزب الله لا يزال يشكل عائقا أساسيا امام استعادة الدولة لدورها عدا ان قتاله في سوريا رتب تداعيات لا يستطيع لبنان تحمل تداعياتها.
تحدثت معلومات بأن جعجع سيعبر عن موقفه حيال المشاركة في الحوار في كلمته يوم غد من معراب بحيث ان جعجع الذي لن يكون غائبا عن طاولة الحوار في مرحلة تفاهمات وتسويات مرتقبة مع مطالبته بإدراج سلاح حزب الله كبند للنقاش ،سيظهر تمايزه عن القوى الحليفة في قوى 14اذار تحت سقف الخيارات الاستراتيجية التي تجمعهم سياديا مستندا بذلك الى الواقعتين التاليتين:
1- علاقته بالقيادة السعودية على ما بدا من خلال استقبال الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز له، وما تبع ذلك من لقاءات مع مسؤولين في القيادة السعودية.
2- صوابية عدم مشاركته في الحكومة الحالية على ضوء ما تواجه من تعطيل وعدم قدرة على حل أزمات عدة بينها النفايات ، كنتيجة طبيعية للتناقضات التي منضوية في إطارها
واذا كانت دعوة بري حملت عناوين هدفها طمأنة كافة القوى السياسية على غرار Ecole des fans وشكلت تسابقا بين حركة الحوار وحراك الشارع المدني فان رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لا يزال يهدف الى سباق الجانبين من خلال دعوة مناصريه للتظاهر اليوم في خطوة هدفها التاكيد على حضوره في المعادلة لقلقه من اندفاعة دولية - إقليمية تدفع بحليفه حزب الله للدخول في تسوية، هادفا بذلك التأكيد على استمراره على الحلبة الرئاسية منعا لتجاوزه، لا سيما ان طاولة الحوار وفق محيطين به من شأنها ان تذوب هذا الملف الرئاسي وتفتح باب النقاش معه حول قرار محسوم، اذ تكشف معلومات بأن ثمة كلاما «داخليا» عند عون بأن التداول بدأ يدور في كيفية قطع الطريق على مرشح لا يريده وفق مؤشر على ان القناعة بعدم انتخابه رئيساً بات مقبول النقاش بها في هذه الدائرة الجد ضيقة.
ولا تجد أوساط محيطة بعون نتائج أولية لطاولة الحوار سوى انها كشفت إمكانية تجاوز كل من الرئيس السابق ميشال سليمان ونائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل نظرا لافتقادها الحيثية الشعبية، مشيرة الى انه وفق اي حكومة مقبلة لن يتخلى التيار عن منصب نائب رئيس الحكومة الذي سيشغله «سياسي» اختاره منذ اليوم رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل بهدف ضبط اداء اي رئيس حكومة في المستقبل وسيطالب بوزارة الدفاع بعيدا عمن يكون رئيسا للجمهورية.