لم تعد البيئة في لبنان أو حتى الإنسان هما المتضرران فقط من أزمة النفايات المتراكمة على الطرقات والتي شكّلت عبئاً على البلديات التي بدأت بالطمر العشوائي في "أي مكان كان" دون مراعاة الشروط البيئية أو حتى السلامة العامة. ومن هذه الأمكنة، الجسر الذي يصل الحازمية بمنطقة فرن الشباك وتحديداً بالقرب من جامعة الحكمة، وهناك عليك أن تقفل نوافذ السيارة سريعاً لأن الرائحة التي يتنشقها الإنسان تكاد تصيبه بالإغماء.
الأمراض ستتكاثر
"النشرة" كانت كشفت سابقًا أنّ "طمر النفايات العشوائي يهدّد بسقوط جسر الحازمية بعد الحفر عميقا قرب الأعمدة". حقيقة ما خَفِيَ خلف وتحت جبال الرمل هناك، هي نفايات "الحازمية"، التي تسبب ضرراً بيئياً وصحياً. هنا تشرح مصادر بيئية مطلعة أن "طريقة الطمر هذه مخالفة لشتى أنواع المعايير البيئية، من هنا على وزارة البيئة التحرّك فوراً لإيقاف "الجريمة" التي تحدث في تلك البقعة وعلى الطريق العام وبالقرب من صرح جامعي"، ولكنها تستبعد في نفس الوقت أن "يحصل هذا الأمر لأن الوزارة غائبة حالياً عن التحرّك لإيقاف مثل هذه الأعمال خصوصاً وأن "آفة" الطمر العشوائي باتت شائعة لدى بعض البلديات"، مشددة على أنّ "الأمراض ستتكاثر بسبب التلوّث وهذا الضرر سيزداد مع الوقت لأن النفايات ستتخمّر هناك وستؤثر أكثر فأكثر على صحة الإنسان".
أعمال الطمر هذه تشكّل خطراً على السلامة العامة أيضاً بسبب الحفر تحت الجسر وعند نقطة الأساسات بالتحديد ليبقى مصير المارّة مع الوقت بيد العناية الإلهية خصوصاً أن الحفر العميق قد يؤدّي الى تصدّع الجسر وسقوطه فيتسبب بكارثة كبيرة ليبقى السؤال: على من تقع عاتق المسؤولية في هذه القضية؟!
الإنماء والإعمار غير مسؤول
مجلس الإنماء والإعمار وعلى لسان مهندسه ايلي حلو تنصّل من أي مسؤولية نافياً علم المجلس بهذه المسألة، وأكّد أن "ما يحدث لا يقع ضمن نطاق مسؤوليته"، وان "مهمة مجلس الإنماء والإعمار إنتهت عند بناء الجسر وتسليمه الى الدولة"، واستطرد أنه "حتى لو بُلِّغنا بالمسألة وتأكدنا أن هناك خطراً حقيقيا على الجسر لا نستطيع التحرك أو القيام بشيء لأن وزارة الأشغال وحدها معنية بهذه المسألة".
وزارة الأشغال نائمة
حاولت "النشرة" مراراً الإتصال بوزارة الأشغال للإستفسار عن الموضوع، وكان الجواب بداية أن مجلس الإنمار والإعمار هو المسؤول عن القضية، ولكن بعد التأكّد من أن هذا الملف هو من مهمة وزارة الأشغال كان الردّ بأن الوزارة سترسل فريقاً للكشف على الجسر وطلب منّا التريّث لمعرفة النتيجة وملابسات القصة. وبعد مرور أيام، عادت "النشرة" واتصلت بمكتب وزير الأشغال غازي زعيتر لمعرفة الجواب، فكان الردّ بأن الوزير أو أياً من المسؤولين في الوزارة لا يريدون التحدّث بالموضوع أو الدخول في هذه القضية.
تعبير المصادر عن رفضها لما يحدث وتأكيد مجلس الإنماء والأعمار عدم مسؤوليته في الموضوع وعدم رغبة وزارة الأشغال التحدّث شكّل شكوكًا وريبة حول ما يجري في ظل العمل المستمرّ لبلديّة الحازميّة على طمر النفايات وتهديد حياة المواطنين جسديًّا وصحيًّا يشير بشكل واضح الى وجود قطبة مخفية في المسألة: فلماذا عدم الرغبة بالكلام في الموضوع إذا كانت الأمور كلّها سليمة وقانونية؟! وهل بات فعلاً على من يسلكون ذاك الجسر الخوف على حياتهم؟
كلها أسئلة تطرح في وقت يبقى همّ المواطنين ألاّ يكون المسّ بأساسات الجسر مؤكداً، لأن ما لم يُكشف في القريب العاجل سيظهره فصل الشتاء الذي يحمل معه الامطار وعندها ستبدأ الفضائح!