يعيش لبنان او بالاحرى اغلب المناطق فيه منذ الامس حالة مناخية غريبة عنه بعض الشيء، فقلما نرى سماء لبنان صفراء اللون الى هذه الدرجة ولمدة زمنية طويلة نسبيا، فالغبار أو "الرمل" كما يحلو للبعض تسميته غطى أجواء البقاع الشمالي والشمال أمس وتمدد نحو المناطق الساحلية اليوم.
يشير رئيس دائرة التقديريات العامة في مصلحة الارصاد الجوية في مطار بيروت الدولي عبد الرحمن زواوي الى ان ما يشهده لبنان حاليا هو "سوء رؤية ناتجة عن عاصفة رملية موجودة في العراق، وبالتالي ما نراه في لبنان هو نتيجة الغبار الذي حملته حركة الرياح الدائرية المتجهة من العراق الى سوريا وشمال لبنان، بحيث كانت فعالية المنخفض الجوي أقوى في البقاع الشمالي والشمال اللبناني".
ويوضح زواوي في حديث لـ"النشرة" أنّ "الحد الاقصى لهذه الحالة ستكون اليوم، وتحديدا في فترة الظهر، وبدءًا من يوم غد الاربعاء سيتغير اتجاه الهواء ويصبح تأثيره جنوب شرق لبنان وبالتالي سيخف تأثير الغبار في البقاع الشمالي والساحل، كذلك في ليل الاربعاء الخميس ستضعف كمية الغبار مع ارتفاع ملحوظ بدرجات الحرارة التي لا علاقة بها بالغبار"، مشيرا الى ان ظهر الاربعاء ستنقشع السماء تدريجيا ليكون الطقس نهار الخميس غائما جزئيا مع ارتفاع اضافي بدرجات الحرارة واتجاه للرياح الاتية من العراق صوب سوريا فقط لينتهي تأثير الغبار على لبنان ويكون الطقس نهار الجمعة صافيا، مع استمرار درجات الحرارة المرتفعة والتي ستبدأ بالانخفاض نهار الاحد المقبل.
أما بالنسبة لحركة الطيران وامكانية تأثرها بالغبار، فتشير معلومات "النشرة" الى ان مدى الرؤية على المدرج حاليا هو ألف متر وبالتالي لا تزال حركة الطيران قادرة على الاستمرار، فهي لا تتوقف الا اذا انخفضت الرؤية الى 500 متر، علماً أنّ هذا الامر لا يمكن التنبؤ به وهو خاضع لتطورات الطقس.
ومع درجات الحرارة المرتفعة والتي تصل الى الساحل اليوم الى 34 درجة والى 40 درجة في البقاع، بالاضافة الى سوء الرؤية والغبار، ينبغي على المواطنين أخذ الحيطة والحذر واتباع بعض الاجراءات الضرورية والمفيدة لهم في حالات مشابهة، تقول المتخصصة في الكيميو فيزياء جويل باسيل.
وتدعو باسيل مرضى الربو وحساسية الصدر المعرضين الى انتكاسات صحية أكثر من غيرهم في ظل اوضاع مناخية كالتي نعيشها، إلى "وضع منديل رطب أو كمامة على الفم والانف، تجنب تناول المشروبات الغازية، تناول المشروبات الساخنة بكثرة، الابتعاد عن تناول الحلويات لانها تساعد على الاصابة بالحساسية، الاكثار من تناول البروكلي لانه يحتوي على الزنك الذي يساعد على تحسين الجهاز المناعي، عدم تناول اللبن والحليب لانه من المواد اللزجة التي تتراكم على القصبة الهوائية وتسبب ضيقا في التنفس، تجنب تناول المقليات والبيض، الامتناع عن تناول الاطعمة التي تحتوي على مواد حافظة، التقليل من الملح في الطعام لانه يعمل على احتباس السوائل بالجسم مما قد يؤدي الى الاصابة بضيق في التنفس".
وتشير باسيل كذلك الى اهمية يقظة الاهل وعدم تعريض اطفالهم لجو الغبار، وتجنب نقلهم خارج المنازل، مشددة على حماية العيون عبر وضع نظارات عازلة، واحكام تسكير الابواب والنوافذ في البيت والسيارة.
كذلك وبسبب الرطوبة المرتفعة الموجودة في الاجواء والتي تتحول الى قطرات مياه على طرقاتنا، لا بد من تنبيه السائقين من احتمال انزلاق الاليات على الطرقات.
رغم "عادة" اللبنانيين بتحويل كل "الازمات" الى "نكات" و اعتماد الضحك وسيلة لتبسيط ما يتعرض له لبنان "طبيعيا كان أم من أعمال الانسان"، يبقى على المواطنين الانتباه واتخاذ التدابير الكفيلة بعدم زيادة اعداد الذين تم نقلهم الى المستشفيات بسبب الطقس السيء.