في الرابع من تموز الفائت، حط البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مطرانية صيدا ودير القمر وجزين للموارنة. يومها راح المتضررون من نشاط راعي أبرشية صيدا ودير القمر المطران الياس نصار والمنزعجون دائماً من مواقفه المطالبة بحقوق المسيحيين، يسوقون لرواية أن البطريرك الراعي قصد المطرانية بهدف إبلاغ نصار موعد إقالته من منصبه بعدما بت الفاتيكان الشكاوى المرفوعة بحقه من "القوات اللبنانية" ومن بعض الكهنة التابعين لرعيته والمحسوبين سياسياً على معراب.
أما هدف الزيارة الحقيقي، بحسب مصادر كنسية متابعة فلم يكن إلا لإقفال ملف الشكاوى وإعلان المصالحة، وهذا ما طلبه الراعي من الكهنة خلال الحوار الذي دام خمس ساعات، الأمر الذي لم يعجب بعض الكهنة من أصحاب الشكوى، فما كان منهم إلا أن تركوا دار المطرانية قبل مأدبة الغداء التي أقامها نصار على شرف الراعي وآباء الأبرشية الذين يبلغ عددهم 55 كاهناً.
إعلان الراعي هذا لم يأت من باب الصدفة، ولا لأنه يريد الإصطفاف الى جانب فريق ضد آخر بين أبناء الكنيسة الواحدة، بل لأن التحقيقات والجلسات التي عقدتها محكمة سينودوس أساقفة الكنيسة المارونية أثبتت أن الإتهامات الموجهة للمطران نصار، لا أساس لها وتفتقد الى الأدلة والإثباتات وبالتالي لا يمكن ترك الأمور كما كانت عليه لأن التشهير بشخص نصار يلحق الضرر بكامل الرعية وأبنائها. وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن السينودوس الذي عقد في آذار الفائت، بت الإستئناف المقدم من نصار في الشكاوى المقدمة ضده من جعجع ومن أحد كهنة الأبرشية الأب جان حرب. يومها قدّم نصار مطالعته امام مجلس المطارنة والأساقفة لتتوضح الصورة أكثر فأكثر أمام المجتمعين: " الإتهامات التي توجه الى راعي الأبرشية لا تستند الى أدلة وبراهين، بل الى خلفيات سياسية بحتة".
ولأن سينودوس آذار أقفل ملفات جعجع وحرب بحق نصار، من دون أن يوجه ولو إدانة واحدة لراعي الأبرشية، لجأ الفريق الخاسر إلى تحريك مجموعة من الكهنة، لتقديم شكوى ضد نصار على خلفيات مالية وعقارية. وبسبب هذه الشكوى، عينت بكركي المطران بولس مطر زائراً على أبرشية صيدا ودير القمر للموارنة، للتحقيق بالإتهامات المذكورة، وإعداد تقرير مفصل عنها. وبعد إجراء التحقيقات، وإصرار نصار على مواجهته في بكركي مع الكهنة المعترضين، تكرر سيناريو سينودوس آذار، وكما سقطت إتهامات جعجع والأب حرب، لحقتها إتهامات الكهنة، كل ذلك أمام البطريرك الراعي ومجموعة من المطارنة المعنيين.
أما اليوم، وبعد مرور شهرين على زيارة الراعي الى صيدا، تأتي معطيات جديدة لتؤكد بما لا يقبل الشك أن المطران نصار ربح المواجهة مع "القوات اللبنانية"، وأن صفحة الشكاوى التي قدمتها بحقه، طوتها بكركي والفاتيكان الى غير رجعة. وفي المعلومات، يقوم البطريرك الماروني في التاسع عشر من أيلول الجاري بزيارة الى بعض قرى وبلدات الأبرشية التي يرأسها نصار. زيارة تحمل في طياتها مؤشرات عدة، إن دلت على شيء فعلى ثقة بكركي براعي الأبرشية، ودعمها الكامل له بكل ما يقوم به من مشاريع من شأنها أن تحافظ على الوجود المسيحي في صيدا والشوف وجزين. من هذه الدلالات، تدشين الراعي مشروعي الرميلة وجزين السكنيين اللذين يعمل نصار على تشييدهما بتمويل ودعم وهندسة من قبل المطرانية، وذلك لتوفير شقق سكنية لمسيحيي المنطقة بأسعار مخفضة ولا تبغي الربح. أضف الى ذلك، فسيد بكركي الذي سيبيت ليلته في دير سيدة مشموشة، يلبي في اليوم التالي دعوة الغداء التي يقيمها على شرفه وقف صربا في قضاء النبطية، وهي بلدة المطران نصار.
إذاً، بعد هذه الزيارة التي ستكرس فيها البركة البطريركية مشاريع المطران نصار، فهل من صوت داخل الأبرشية قد يعلو فوق صوته بعد اليوم؟