ليس أمراً عادياً مداومة النائبة بهية الحريري في بيت الوسط يوم السبت الماضي، فاتحة أبوابه أمام «وفود ومواطنين من عدد من المناطق، عرضوا معها قضايا تربوية وشؤوناً مطلبية» بحسب الخبر الموزع عنها. مصادر في تيار المستقبل أوضحت أن الحريري ستخصص أياماً في الأسبوع لاستقبال شخصيات ومناصرين في بيت الوسط، وأياماً أخرى في مجدليون، علماً بأن العادة درجت على أن تتصرف كمرجعية شعبية وخدماتية في نطاق دائرتها الإنتخابية الصيداوية، من دون أن تتخطى حدودها الجغرافية ضمن امبراطورية آل الحريري. تفهّمت التحفظ الذي يبديه بعض الشارع الإسلامي على سيادة امرأة، لكن ماذا عساها تفعل وقد أثبت الرجال فشلهم؟
ينقل زوار السعودية أن المملكة لا تعول حالياً على «الشيخ سعد». تتفرج عليه يغرق في أزماته المالية حتى احتمال إعلان إفلاس «سعودي أوجيه» قبل نهاية العام الجاري، وتتلكأ في رمي طوق نجاة له يعوم به إلى واجهة القرار مجدداً ويعيده إلى لبنان.
غياب الحريري طال الى حد سمح لحلفائه في قوى 14 آذار بـ «التجرؤ» على الطلب من المملكة ألا يكون دعمها وتواصلها معهم عبر الشيخ سعد. هذا، على الأقل، ما كشفته إحدى وثائق «ويكيليكس» عن الوزير بطرس حرب الذي تمنى أن يكون دعم التجمع السياسي المستقل الذي أراد إنشاءه من خارج القناة الحريرية. أما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فقد قطع في ذلك أشواطاً، حتى باتت تُفتح أمامه القصور الملكية بعيداً عن المقيم في المملكة.
ليس غياب الحريري فقط ما حمل عمّته على المداومة في عرينه والجلوس على كرسيه الفارغ، في محاولة منها لانقاذ ما يمكن انقاذه. استثمارها في مشروع تأهيل نجليها الوحيدين، نادر وأحمد، لتكون لهما حيثية سياسية وشعبية لم ينجح. لم يستطع نادر أن يضيف إلى سجله أكثر من لقب «مدير مكتب الرئيس سعد الحريري».
حاول سحب ملف دار الفتوى من الرئيس فؤاد السنيورة، إلا أنه لم يصمد معه شهراً واحداً. أما الأمين العام لتيار المستقبل، فقد زاد من تضعضع صفوف التيار. آخر إخفاقاته سُجِّل في الشمال، برغم أنه يوصف، داخل التيار، بـ «مختار الشمال». بالكاد، فاز عدد من مرشحي المستقبل في انتخابات المجلس الشرعي الأعلى والأوقاف في عكار وطرابلس بعد توقف المساعدات وغياب دور النواب والمنسقين والكوادر. إخفاق الحريري شمالاً حيث قاطع مستقبليون كثر زياراته، تكرر في البقاع وإقليم الخروب. المصادر كشفت أن «أم نادر» قررت متابعة شؤون التيار بنفسها والإشراف على عمل منسقي المناطق والكوادر.
بعض المقربين وجدوا في تقسيم الحريري وقتها بين صيدا وبيروت «هروباً من أزماتها الصيداوية المتتالية». آخرها، ما يتحدث به البعض عن «انفضاح تهريب نفايات بيروت إلى صيدا بعدما تغنت الحريري بحسن إدارة معمل معالجة النفايات». فقد ثبت بالصوت والصورة أن شاحنات النفايات تحاول التسلل تحت جنح الظلام إلى محيط المعمل، كما ثبت أن كميات كبيرة من النفايات ترمى في الحوض البحري كما هي من دون معالجة.
تُضاف الى كل هذه الأزمات عودة حوالي 800 موظف إلى لبنان على نحو تدريجي، حتى نهاية العام الجاري، بعد صرفهم من «سعودي أوجيه»، معظمهم من البيئة الحاضنة في صيدا وإقليم الخروب. كيف سيواجه آل الحريري نقمة عائلات هؤلاء ويحتفظون بولائهم وبولاء الموظفين في مؤسساتهم من مجدليون إلى تلفزيون المستقبل الذين لا يقبضون رواتبهم؟ حاولت «الست بهية» استباق الأمر. طارت الى باريس والتقت الشيخ سعد، لكنها فشلت لأن الأزمة المالية أكبر من الجميع، وهي خطيرة الى درجة أن دارة مجدليون عاجزة عن تسديد 200 مليون ليرة مستحقة لسوبر ماركت في صيدا، بدل ألبان وأجبان ولحوم!