أقفل الاسبوع الماضي على حراك سياسي فلسطيني غير مسبوق على الساحة اللبنانية، تناول بشكل رئيسي المجلس الوطني الفلسطيني الذي كان مقررًا انعقاده اليوم وسط معارضة فلسطينية كبيرة تخطت حركتَي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" لتصل الى "الجبهة الشعبية" المنضوية في اطار "منظمة التحرير الفلسطينية"، حليفة حركة "فتح" التي استقال اعضاء بارزون من اللجنة التنفيذية بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس من اجل الدعوة لانعقاده، ناهيك عن تطورات الاوضاع الامنية في المخيمات الفلسطينية على ضوء الاشتباكات التي وقعت بين حركة "فتح" و"المجموعات الاسلامية المتشددة" في مخيم عين الحلوة، والمخاوف من مخطط تدمير المخيمات وتهجير ابنائها باجندة غير فلسطينية وصولا الى شطب حق العودة وقضية اللاجئين وقرار وكالة الاونروا تقليص خدماتها.
ورصدت الاوساط الفلسطينية زيارات بارزة لكل من عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" المشرف على الساحة اللبنانية عزام الاحمد، عضو اللجنة التنفيذية لـ "منظمة التحرير الفلسطينية" ورئيس دائرة اللاجئين الدكتور زكريا الآغا، رئيسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ومسؤولة مؤسسة "أسر الشهداء" أم جهاد الوزير، الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي الدكتور رمضان شلح ونائبه زياد نخالة، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الدكتور موسى ابو مرزوق، نائب الامين العام لـ "القيادة العامة" الدكتور طلال ناجي، نائب الامين العام لـ "الجبهة الديمقراطية" فهد سليمان، نائب الامين العام لـ "الجبهة الشعبية" ابو احمد فؤاد، وعضو المكتب السياسي ليلى خالد، سمير مشهواري القيادي الفتحاوي البارز والمقرب من عضو اللجنة المركزية لحركة فتح المفصول محمد دحلان، وسواهم من المسؤلين الفلسطينيين البارزين.
وذكرت مصادر فلسطينية لـ "النشرة"، ان لقاءات ثنائية وجماعية علانية وبعيدا عن الاضواء والاعلام جرت بين المسؤولين الفلسطينيين ومنها لقاء ابو مرزوق-شلح، اغا-سليمان، أغا ابو احمد فؤاد، واللقاء الموسع الذي ترأسه ابو مرزوق لقادة فصائل "تحالف القوى الفلسطينية" والمصغر الذي جمعه بعيدا عن الاضواء مع كل من مشهواري والعميد محمود عبد الحميد عيسى "اللينو" وقياديين آخرين وقد جاء استكمالا للتقارب بين الطرفين وتردد انه جرى خلاله تسوية "سوء تفاهم" على خلفية تصريحات ادلى بها "اللينو" ضد "حماس" في الاشتباكات الاخيرة في عين الحلوة حيث اتهمها بانها تدعم "المجموعات الاسلامية المتشددة بالسلاح والذخيرة".
ووفق المصادر، فان اللقاءات تناولت ايضا ضرورة التريث في الدعوة الى انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني قبل تفعيل اطار منظمة التحرير الفلسطينية وفق الاتفاقيات السابقة، وعلى التحضير لعقد لقاء فلسطيني موسع في القاهرة برعاية مصرية اي الإطار القيادي المؤقت للمنظمة في الايام المقبلة، من اجل البحث في سبل تفعيل أطرها وانضمام حركتي "حماس" و"الجهاد"، واستكمال المصالحة الوطنية بين حركتي "فتح" و"حماس" على ضوء التطورات السياسية والامنية في المنطقة وتصاعد وتيرة العدوان الصهيوني على الضفة وغزة.
وأشارت المصادر، الى ان اجتماع مرزوق-شلح، خلص الى ترحيب الحركتين بقرار تأجيل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، والتأكيد على العلاقة الاستراتيجية بينهما، وضرورة تعزيز وتطوير التعاون والتنسيق بينهما لحماية وتعزيز مشروع المقاومة في فلسطين، ومواجهة ما تتعرض له القدس والمسجد الأقصى من مخاطر، جراء سياسات التهويد والممارسات العدوانية الصهيونية، ومواجهة ما يتعرض له اللاجئون الفلسطينيون والشتات الفلسطيني من أخطار تنذر بتصفية قضيتهم وشطب حق العودة.
في ما خلص اجتماع اغا-سليمان، الى دق ناقوس الخطر من الاستهدافات التي تتعرض لها قضية اللاجئين الفلسطينيين في اكثر من عنوان سواء على مستوى تجاهل اوضاع المخيمات ومحاولات تدمير بعضها او لجهة اوضاع وكالة الغوث وما تشهده من ازمات مالية تهدد وجودها وتنعكس سلبا على اكثر من مستوى لجهة زيادة حالة العوز والافقار بين الفلسطينيين، داعين الدول المانحة الى توفير الاموال اللازمة بما يضمن استمرار الوكالة في تقديم خدماتها للاجئين حتى تطبيق حق العودة.
وابلغ مصدر مسؤول في "الجبهة الديمقراطية"، انه جرى الدعوة الى استراتيجية وطنية فلسطينية بشأن قضية اللاجئين وحق العودة والتعاطي مع الازمات الاقتصادية والاجتماعية والامنية التي تعيشها المخيمات في مختلف الساحات وخاصة سوريا ولبنان باعتبارها قضايا وطنية كبرى تعني الكل الفلسطيني والدفاع عنها مسؤولية جميع المؤسسات والهيئات الرسمية والفصائلية والشعبية وبما يضمن تقديم الموقف الفلسطيني موحدا في اطار حماية أمن المخيمات وصون استقرارها وقطع الطريق على كل العابثين بأمن الشعب الفلسطيني ومصالحه واستقراره.
أما سليمان (الجبهة الشعبية) فاكد ان الدعوة لعقد اجتماع لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها إطاراً قيادياً مؤقتاً جرى الاتفاق عليه في اتفاق القاهرة (أيار 2011)، لبحث سبل تحقيق المصالحة الوطنية، ومنها عقد مجلس وطني توحيدي وفق ما نص عليه الاتفاق، وهذا يتطلب تشكيل لجنة تحضيرية تقوم بالإعداد والتحضير لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، والاتفاق على مكان وزمان انعقاده وضرورة إجراء مراجعة سياسية شاملة وجادة لمسار العمل الوطني الفلسطيني منذ أوسلو، واستخلاص الدروس والعبر، بما يقود للاتفاق على صوغ استراتيجية وطنية تنطلق من طبيعة النضال التحرري الوطني والديمقراطي الذي يخوضه شعبنا.
جولة عسكرية
والى جانب السياسة، تراقب القوى الفلسطينية واللبنانية زيارة ضباط عسكريين من "الامن الوطني الفلسطيني" وفدوا من رام الله الى لبنان في مهمة مزدوجة، بتكليف من القائد العام للامن الوطني اللواء نضال ابو دخان الذي زار بيروت قبل اسابيع برفقة عزام الاحمد، في اعقاب اغتيال قائد "كتيبة شهداء شاتيلا" العميد طلال بلاونة في مخيم عين الحلوة في 25 تموز الماضي.
واكدت مصادر "فتحاوية" لـ"النشرة"، ان المهمة الاولى لوفد مؤلف من خمسة ضباط اعداد تقارير حول واقع كل المخيمات وخاصة عين الحلوة من الناحيتين العسكرية والامنية على ضوء الاشتباكات الاخيرة وتحديد قوة الحركة في معادلتها بهدف تعزيز نفوذها وحضورها مستقبلا، بينما المهمة الثانية لوفد مؤلف من ست ضباط، اجراء التحضيرات لاقامة الدورة العسكرية الثالثة في مخيم الرشيدية بهدف اعادة تأهيل وتدريب عناصر الامن الوطني الفلسطيني وحركة "فتح" وفصائل "المنظمة" كي يكون نواة قوة عسكرية ضاربة، تفرز الى القوة الامنية المشتركة لاحقا، او تساهم في حفظ أمن واستقرار المخيمات اينما تدعو الحاجة.