عادة تختلف المحكمة العسكرية لناحية السرعة في الإجراءات عن كل المحاكم المدنية الأخرى. التحقيقات لدى قضاة التحقيق العسكريين أسرع بكثير من تلك التي يجريها القضاة المدنيون. والفارق الزمني بين جلسة وأخرى على جداول المحكمة العسكرية، أقصر بكثير من المدة الفاصلة بين الجلسات في المحاكم المدنية. لكل ما تقدم، لا يحتاج صدور الأحكام في المحكمة العسكرية حتى في قضايا الجنايات كالإرهاب والنيل من هيبة الدولة وقتل ضباط وعسكريين الى أكثر من سنة ونصف كحد أقصى، بينما تأخذ المحاكم المدنية سنوات وسنوات كي تصدر حكماً بجنحة عادية كإعطاء شيك من دون رصيد وتعاطي المخدرات وغيرها من الجرائم العادية.
ولكن في لبنان، بلد الإستثناءات، كل شيء وارد حتى في عمل القضاء، وتحديداً في المحكمة العسكرية، حيث قد تكون محاكمة الإرهابي أحمد الأسير من بين هذه الإستثناءات.
هذه المخاوف من تأخير صدور الأحكام في ملفات الأسير، تعبّر عنها بصراحة الأوساط القانونية المتابعة والخبيرة في شؤون المحكمة العسكرية. وعند سؤالها عن السبب، يأتي الجواب المقتضب "إسألوا عن الزميل أنطوان نعمه، تعرفون السبب".
نعمه هو رئيس فريق الدفاع عن الإرهابي الأسير، والذي يضم أيضاً المحاميين عبد البديع عاكوم ومحمد صبلوح. من يتابع من المحامين، القضايا التي يتوكل فيها نعمه، يروي أن "الرجل يعتمد دائماً في خططه الدفاعية على تأجيل الجلسات كسلاح يبعد فيه قدر الإمكان شبح الأحكام عن موكّله، خصوصاً عندما يكون المتهم بحجم الأسير وتنتظره جملة من أحكام الإعدام المخفّفة للسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة".
وإنطلاقاً من التجارب السابقة المشابهة لملف الأسير، يتكل الدفاع عادة على تأجيل صدور الأحكام، تاركاً من هذا الأمر المجال مفتوحاً أمام أي تسوية سياسية أو مقايضة كما هو الحال مع إبنة عرسال جمانة حميد المدرجة على لائحة طلبات "جبهة النصرة" لإطلاق العسكريين الرهائن، وهي التي تم توقيفها أثناء نقلها سيارة مفخخة للإرهابي نعيم عباس. هذه التسويات أو المقايضات تكون سهلة عادة قبل صدور الأحكام وصعبة عندما يصبح المتهم محكوماً، لذلك تؤجل جلسات حميد في المحكمة العسكرية بقرار رسمي غير معلن تحت حجة غير مقنعة ألا وهي تعذر سوقها.
بالعودة الى ملف الأسير، ترى الأوساط القانونية أن طلبات المحامي نعمه التي أُرجِئَت جلسة الأسير الأولى على أساسها ومن دون إسجواب، جاءت ناقصة، وفي هذا النقص تنكشف نيات الدفاع التأجيلية. ففيما طلب محامو الأسير الاستمهال للاطّلاع على الملف وتقديم دفوع شكلية، إضافة الى ضمّ التحقيقات الأوّلية وإفاداته أمام مديرية المخابرات إلى دعوى أحداث عبرا للتلازم بينهما، تناسوا عن قصد ضم التحقيقات التي أجراها جهاز الأمن العام الذي أوقف الأسير في مطار بيروت الى الملف أيضاً. تحقيقات الأمن العام هذه، قد يتكل وكلاء الدفاع عن الأسير عليها لتأجيل الجلسة المقبلة التي حدّدت في العشرين من تشرين الأول المقبل الى موعد لاحق، على إعتبار أنها حق من حقوق الدفاع ولا يمكن للمحكمة أن ترفضها.
أذاً جلسة الأسير المقبلة، مرجحة الى التأجيل، بسبب تحقيقات الأمن العام غير الموجودة في ملفه أمام المحكمة، وهنا يحضر السؤال، لماذا لم ترفق هذه التحقيقات الى الملف أساساً بحسب الأصول، وهل هناك من نية لإخفاء أي معلومات وأسماء لمتورطين كبار وردت فيها.