على رغم وصول المفاوضات الى حائط مسدود، لا يزال الشيخ حمزة حمّص والد العريف المخطوف لدى "جبهة النصرة" وائل حمص، ينشط منفرداً على خط جرود عرسال، ولكن من دون نتيجة حتى الآن. آخر هذه الزيارات كان منذ يومين بهدف واحد ومحدَّد: مدّ العسكريين المخطوفين بمبالغ مالية يحتاجون اليها كمصروف يومي، مصروف تطلب "جبهة النصرة" من الأهالي تأمينه دائماً.
زيارة حمّص هذه، لم تتضمن أي لقاء مع مسؤول في "جبهة النصرة"، والسبب أن المطالب التي حملها الشيخ من أمير الجبهة في القلمون أبو مالك التلي في المرات السابقة، لم تلق صداها الإيجابي لدى الدولة اللبنانية، التي تصر على مقايضة كاملة لجميع العسكريين وهذا ما يرفضه أمير النصرة في القلمون بحسب حمّص.
وفي التفاصيل، عقدت خلال الآونة الاخيرة أربعة لقاءات بين حمّص والتلي في جرود عرسال، بحضور الشيخ العرسالي مصطفى الحجيري الملقب بأبو طاقية. في تلك الزيارات التي حصلت بعلم أهالي العسكريين المخطوفين ومخابرات الجيش اللبناني، والتي امتدت كل واحدة منها لساعتين ونصف، حمل حمّص من أبي مالك إقتراحات عدة للبدء بإنهاء هذا الملف. منها إقتراح بتأمين الطبابة عبر وزارة الصحة اللبنانية للاجئين السوريين الموجودين ما بعد حاجز وادي حميد والذين يبلغ عددهم 13000 لاجئ، ومدّ هؤلاء بالمساعدات الغذائية عبر منظمات الأمم المتحدة، مقابل إطلاق سراح عسكريين إثنين من المخطوفين. إقتراح آخر تم التوافق عليه بين حمّص والتلي، يفرج عن ثلاثة عسكريين واحد شيعي وآخر مسيحي والثالث درزي، مقابل أن تفرج الدولة اللبنانية عن خمس نساء موقوفات في لبنان، أبرزهن، سجى الدليمي طليقة أبو بكر البغدادي أمير تنظيم "داعش"، وعُلى العقيلي زوجة أبو علي الشيشاني القيادي في "جبهة النصرة"، إضافة الى جمانة حميد إبنة عرسال التي ضبطت وهي تنقل سيارة مفخخة بمئتي كيلوغرام من المتفجرات للإرهابي نعيم عباس.
وإذا كان الإقتراح الأول والثاني يقايضان خمسة من العسكريين فقط، فبقية العسكريين لن تطلق من مغاور النصرة بحسب حمّص إلا بإعادة بلدتي فليطا والمعرة للجبهة، التي تريد أن تعيد اليها نازحي مخيم وادي حميد.
هذه الإقتراحات التي حمّلها التلي لحمّص وأصر على مناقشتها معه بحضور الشيخ الحجيري لعدم إخراجه من الملف، وهذا ما تصر عليه "النصرة"، لم تلق أي إهتمام أو تجاوب من جهة السلطات اللبنانية وعلى رأسها المفاوض الأول مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي يريد إنهاء الملف دفعة واحدة، لا عن طريق التقسيط. وفي هذا السياق يقول المتابعون لهذه القضيّة، "ما الذي يضمن إستكمال تنفيذ البنود الأخرى من الصفقة، إذا أطلقنا سراح النساء الخمس مقابل ثلاثة عسكريين؟ وما الذي يؤكد أن "النصرة" لا تراوغ بطلباتها لإطلاق سراح السجينات الخمس وهو مطلب لم يعد خافياً على أحد تمسك الجبهة به وإهتمامها بإنجازه؟"
إذاً زيارات الشيخ حمّص لم تحقق حتى اللحظة أهدافها المرجوة، "لكنها لن تتوقف"، يقول والد العريف المخطوف، علّها تحقق خرقاً في جدار هذا الملف الإنساني الشائك.