لا تشبه قصّة النحّات نايف علوان مع القديسين بقية القصص، فإيمانه وتميّز منحوتاته أوصلا أعماله الى العالمية فاخترق إسم هذا النحّات فضاء لبنان ليحلّق في مختلف أرجاء العالم من أوروبا الى استراليا وغيرها من البلدان.
كثيرة هي الأعمال التي صممها ونفذها نايف علوان في حياته ومعظمها زيّنت بها الكنائس في لبنان وخارجه بدءًا من بلدة بقاع كفرا حيث عاش القديس شربل حياته، وصولاً الى دير مار سمعان العمودي وهو الدير الذي عاشت فيه القديسة رفقا فمار مارون في براد.
واليوم تستعدّ بلدة كاشيا الايطالية لتستقبل تمثال القديسة ريتا الذي صممه ونحته ابن بلدة ايطو الشمالية بكثير من الإيمان والدقّة والفنّ الخارق الذي ينسيك أنك تقف أمام حجر فتشعر للوهلة الأولى أنك تتحدّث الى القديس نفسه.
قصّة المسابقة
يروي نايف علوان لـ"النشرة" قصة فوزه بمسابقة كانت نظمتها بلدية كاشيا من أجل وضع أجمل تمثال منحوت للقديسة ريتا في البلدة، ويشير الى أن "المشوار بدأ عندما اتصل به من ايطاليا الأب شربل مهنا، مبلغاً إياه أن البلدية تنظم هذه المسابقة ودعاه الى الدخول فيها نظراً لأعماله المميزة".
يلفت نايف علوان الى أنه "وفي تلك اللحظة بدأ بالبحث عن فكرة تميّز عمله وتجعله مقبولاً من الخارج فكانت "العريشة" التي ثبّتت رهبنة القديسة ريتا، حيث طلبت منها رئيسة الدير آنذاك زرع عصا والاعتناء بها كعقاب لها فتحوّلت تلك العصا الى عريشة عنب جميلة أدهشت الجميع"، ويضيف: "رسمت صورة القديسة وهي تحمل عصا على شكل عريشة بجانبها وأرسلتها عبر الانترنت الى ايطاليا وجاءني الجواب بالموافقة على العمل شرط إرسال نموذج صغير عن التمثال الضخم الذي سيوضع في ايطاليا".
نموذج عن التمثال
في بلدة ايطو الشمالية حيث يقع محترف هذا النحات، بقي هذا النموذج عن التمثال الضخم كذكرى من عمل مميّز أضاف الى مسيرة نايف علوان الكثير. من ينظر الى التمثال المصغّر الموجود في المحترف يشعر أنه يقف أمام القديسة ريتا نفسها الواضحة الملامح، هنا يشير علوان الى أن "نحت التمثال الصغير لم يستغرق أكثر من أسبوعين، لكنّ العمل الضخم الذي سيوضع في كاشيا استغرق نحته ما يفوق السنة خصوصاً أن الأهم هو أن تضيف الى العمل رهبة القديس فتجعل من يقف أمام التمثال يشعر بالخشوع وإلا لا يكون العمل ناجحاً".
يشرح علوان أنّ "الحجر الذي نحتنا منه التمثال أحضر من بلدة ترتش الجبيلية وكان وزنه يفوق الطن وإنتهى العمل بوصول المنحوتة الى حوالي الستمائة كيلو"، لافتا الى أنه "لا يمكن تحديد كلفة العمل ولكن ما يمكن قوله هو أنه كان مموّلاً من رجل الأعمال المتني سركيس سركيس".
الراعي يدشّن
في ايطاليا سيوضع التمثال الضخم الذي سيدشّنه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في الثامن عشر من شهر تشرين الاول في كاشيا كما سيقام إحتفال للتمثال في ساحة الفاتيكان في الثلاثين من شهر أيلول بمباركة البابا مار فرنسيس الأول.
حاول نايف علوان بتلك المنحوتة تمجيد القديسة ريتا التي ألهمته في هذا العمل الرائع كما في بقية الأعمال التي نفّذها، ليبقى القول إن "لبنان بلد صغير بحجمه إلا أن منه ظهر أعظم القديسين من ريتا ورفقا فشربل وسواهم ممن تحل بركتهم على لبنان وشعبه ليستمروا رغم كل المحن التي يمرون بها!"
تصوير محمد سلمان