اشار السيد جعفر فضل الله خلال خطبتي صلاة الجمعة الى انه "يومَ أمس أصيبَ العالم الإسلاميّ بفاجعة أليمة في منى، حيث سقط أكثر من سبعمائة من حجّاج بيت الله الحرام صرعى، وراح أكثر منهم مصابين وجرحى"، معتبراً اننا "قد نغبط هؤلاء على أنّهم قضوا وهم في حال إحرامٍ لله، في مسيرة تلفّها رحمة الله، بعدما تضرّعوا إلى الله في عرفاتٍ طلبًا للمغفرة، وذكروا الله في المشعر الحرام استزادةً من التقوى، ونرجو أن يحتسبهم الله عندهم شهداء، وأن يمنّ على جرحاهم بالشفاء العاجل إنّه أرحم الراحمين"، موضحاً ان "الكثيرين باتوا يشعرون بالخطورة الكبيرة من تكرّر هذه الأحداث، ولا سيّما أنّ هذا الحدث الأليم قد جاء في سياقِ أحداثٍ قبله في هذا الموسم، وهذا ما يمكن أن يُشعر الناس بعدم الأمن في حجّهم".
ورأى فضل الله ان "هذا الأمر لا يُعالج بالمسارعة إلى إلقاء اللائمة على تقصير الحجيج الذين لا حول لهم ولا قوّة إلا أن يسلكوا الدروب التي تحدّد لهم، ويتحرّكوا في المسارات التي تخطّط لهم، وعندما يُصبح الإنسان جزءًا من سيلٍ عارمٍ من البشر، يفقد زمام أمره، ولا يستطيع أن يحمي نفسه من أيّ زلّة أو خطبٍ، وإنّما يعالج الجلل بتحقيقٍ يكشف كلّ الملابسات التي أدّت إلى ذلك، بكلّ شفافية وصدق، وبعد ذلك اتخاذ كل الوسائل التي تحول دون تكراره، كما نريد للأمر أن يخرج من إطار التجاذبات السياسيّة هنا وهناك؛ لأنّ هذا أمرٌ يرتبط بحياة الملايين من المسلمين في أهمّ شعيرة عالميّة لهم".
ولفت فضل الله الى ان "الانسان يشعر بالخطورة على المسجد الأقصى، الذي تتّجه فيه قوّات اسرائيل إلى تشريع القتل من الناحية القانونيّة، في محاولة جديدة لشل إرادة الصمود بعدما اظهر المرابطون في المسجد ومعهم جموع المؤمنين من قوّة إيمانيّة عالية منعت الاحتلال من أن يحقّق تقسيم المسجد عبر اللف والدوران من خلال اقتحام المستوطنين للمسجد بحجّة العبادة! وممّا يُضحك الثكلى أنّ هذا الاحتلال يبحث عن غطاء قانوني يبيح له مثل هذه الجرائم، وهو الذي ضرب كلّ قوانين العالم بعرض الحائط، وهو الكيان الذي قام على القتل والتشريد انطلاقًا من ذهنيّة تحتقر كلّ ما هو غير يهوديّ من كلّ شعوبِ العالم. وهنا لا ينبغي أن تغريَنا الهدنة التي أفضت إليها الأمور؛ فإنّ المرحلة الآتية تنذر بخطر كبيرٍ على المسجد والقدس وكلّ فلسطين – القضيّة والأرض"، مشدداً على ان "المطلوب من الدول والجهات العربيّة والإسلاميّة وفي ظل الصراعات المدمرة التي تعيشها المنطقة، أن تتّعظ بعبرة السنوات الماضية التي اثبتت عقم الرهان على انتصار لهذا الفريق أو هزيمة لذلك الفريق، وأكدت أن اللعبة الدولية تريد استنزاف الأمة ببشرها وعمرانها ومواردها حتى يسهل اخضاعها لكل القوى الاستكبارية".
ورأى فضل الله ان "هذا الواقع الدامي يفرض على جميع القوى العربية والإسلامية المخلصة أن تعمل على إصلاح ذات البين، ليعود السلام والأمن إلى ربوع العالم الإسلامي، ولحماية هذه الأمة من السقوط".