في الاسبوع الاول من آب الماضي، وقّع وزير الدفاع سمير مقبل على قرار تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي، ورئيس الأركان اللواء وليد سلمان، والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، لمدة عام. وجاءت الخطوة يومها لتزيد التأزيم السياسي الموجود في لبنان، ولتشكّل ضربة للمعركة التي يخوضها رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون رفضاً للتمديد للقادة الأمنيين.
وبظل كل هذا التخبط، جاء "الهجوم" على قائد الجيش من حيث لم يتوقع، فمن داخل "الاسرة" العسكرية جاء الرد، حيث تقدّم العميد حميد اسكندر بمراجعة طعن امام مجلس شورى الدولة بقرار تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي.
المراجعة بالشكل
من حيث الشكل، فإن مجلس شورى الدولة قد حدد ثلاثة شروط لقبول المراجعة بالشكل وأوردها ضمن عدّة مواد، ومن بينها المادة "69" والتي تتحدث عن المهلة، وهنا يشير محامي اسكندر، ميشال حنوش الى ان مهلة الاعتراض على قرار اداري أمام مجلس شورى الدولة هي شهرين من تاريخ تبليغ القرار، وبالتالي فإن المراجعة قُدِّمت ضمن المهلة. كذلك المادتان "105" و"106" اللتان تحدثتا عن الصفة، وان يكون المستدعي متضرِّرًا شخصيا من القرار المطلوب ابطاله. وفي هذا السياق يشرح حنوش ان اسكندر نال رتبة عميد ركن في الاول من كانون الاول 2010، وبالتالي حسب المادة "56" من قانون الجيش فان اسكندر يُسرّح حكما في الاول من تموز 2016، بينما اذا ما استمر القرار القاضي بالتمديد لقائد الجيش فإن تنفيذه ينتهي في الثلاثين من ايلول 2016 وبالتالي يكون الضابط قد فقد فرصة امكانية تعيينه قائدا للجيش، لتكون الصفة والمصلحة قد تحققتا في شخص العميد اسكندر حسب محاميه.
من ناحيتها تشير مصادر خاصة لـ"النشرة" الى انه "في القانون يوجد ما يسمى الحق وما يسمى الفرصة، وفي هذه القضية لا نتحدث عن حق بل عن فرصة لان تعيين اسكندر قائدا للجيش ليس حقًّا ثابتا انما فرصة بأن يكون اسمه من ضمن الاسماء التي يختارونها للقيادة".
وفي سياق متصل وبعد اقل من يوم واحد على تقديم المراجعة قامت استخبارات الجيش اللبناني بطلب العميد اسكندر للتحقيق معه، وهنا علمت "النشرة" ان الاستدعاء جاء بسبب مخالفة اسكندر لقانون المؤسّسة العسكرية والذي يفرض عليه ابلاغ القيادة قبل تقديم اي اعتراض على قرار اداري له علاقة بالجيش. وهنا تقول المصادر: "هذا شأن داخلي في الجيش ولن يؤثّر على مسار المراجعة، علمًا أنّ استدعاءه هو أمرٌ روتيني للاستفسار منه عن سبب مخالفته للقانون وليس عن سبب تقديمه للدعوى"، مشيرة الى ان الهدف من هذا النظام هو محاولة توفير الوقت والمعاملات عبر حل القضية من قبل قيادة الجيش، مع التأكيد ان الجيش لا يمنع أي أحد من الاعتراض ضمن الاطر القانونية.
خلفيات القضية ومصيرها
الى ذلك، سرت معلومات عن خلفيات سياسية للعميد اسكندر استدعت تقديمه المراجعة، ولكن هذا الامر يثير استغراب المحامي حنوش، الذي يؤكد عدم وجود اي خلفيّة سياسية او طائفية او حزبية خلف المراجعة: "انا بدأت مراجعتي مع كل التقدير والاحترام لكل من تتناولهم المراجعة، فنحن نحترم ونقدر جهود قائد الجيش والوزراء المعنيين انما الموضوع بالنسبة لنا قانوني صرف، ونابع من قناعتي بأن القانون يعلو الجميع وان السياسة لا تتدخل في القضاء".
أما بالنسبة لسير المراجعة التي تطالب بوقف تنفيذ قرار تأجيل التسريح لقهوجي، يشير حنوش الى ان مجلس شورى الدولة سيدرس الطلب وسيطلب إشراك "الخصم" أي الدولة وسيعطيها مهلة 15 يوما لإعطاء الجواب، وبعد انقضاء المهلة سيكون للمجلس مهلة 15 يوما أيضا لأخذ القرار إما بوقف تنفيذه أو رد الطلب.
بظل الحديث عن هذه القضية، تعود الذاكرة الى قضية التمديد لمجلس النواب والاعتراض عليه أمام المجلس الدستوري، وذلك لجهة تشابه الظروف بالدرجة الأولى. يومها تبيّن كما تقول المصادر أن الحكم في لبنان سياسي وليس قانونياً، فهل يتكرّر السيناريو نفسه مع مجلس شورى الدولة، أم أنّ للأخير رأياً آخر؟