يثير المحامي أنطوان نعمة، المثير للجدل والذي تلقبه بعض الأوساط الشعبية بمحامي الشيطان أو سفاح المرافعات، سخط الكثيرين وبخاصة أهالي شهداء الجيش، وذلك منذ توكل عن عدد من المتهمين من "فتح الإسلام" في أحداث نهر البارد، مرورًا بالعميل محمود رافع، وصولا الى توكله راهناً عن الإرهابي أحمد الأسير.
ويرأس نعمة فريق الدفاع عن الأسير، والذي يضم أيضاً المحاميين عبد البديع عاكوم ومحمد صبلوح. أمّا الضجة المثارة حول هذه القضية فبدأت حينما أُرجِئَت جلسة الأسير الأولى، وهذا الارجاء أتى بعدما طلب فريق الدفاع الاستمهال للاطّلاع على الملف وتقديم دفوع شكلية، وقد اتهمت مصادر متابعة للقضية رئيس فريق الدفاع أنطوان نعمه بالسعي الى إطالة أمد المحاكمة قدر الإمكان، من خلال تأجيل صدور الأحكام عن موكليه، مع التذكير أنّ إجراءات المحكمة العسكرية تختلف لناحية السرعة عن المحاكم المدنية.
وتشير المصادر الى أن نعمة يتّبع دائمًا في خططه الدفاعية في جميع القضايا الحساسة التي يتوكل فيها، أسلوب تأجيل الجلسات، لربما تحصل مقايضة أو تسوية سياسية أو يصدر عفو عام على غرار ما حصل مع إرهابيي الضنية، فتأتي هذه التسويات دائمًا على حساب دماء الشهداء، والرأي دائما للمصادر المتابعة للقضية التي ترى أيضًا أن طلبات المحامي نعمه التي على أساسها تمّ تأجيل الجلسة الأولى، ومن دون إستجواب المتهم الأسير، وإن لم تكن محقة بنظر هذه المصادر، إلا أّها جاءت ايضاً ناقصة واستندت الى ضمّ التحقيقات الأوّلية وإفاداته أمام مديرية المخابرات إلى دعوى أحداث "عبرا" للتلازم بينهما، فيما لم يطلب فريق الدفاع ضم التحقيقات التي أجراها جهاز الأمن العام الذي أوقف الأسير في مطار بيروت الى الملف أيضاً، مشيرة الى ان ذلك كان متعمدا، لكي يصار الى تأجيل جديد في الجلسة الثانية المقررة بتاريخ 20 تشرين الأول المقبل.
أمّا المحامي أنطوان نعمة، فيُعطي تشبيهًا لجهة عدم المماطلة في المحاكمة في قضيّة لا تزال ماثلة للجمهور اللبناني، حيث تمكّن في قضية محمود رافع على سبيل المثال بالحصول على قرار رقمه 478/ 2010 حصل فيه الأخير على حكم بكف التعقبات(1) في تهمة الجاسوسية، أمّا في ملف نهر البارد فيكشف نعمة أنَّه ساهم بجهوده في هذه القضية بتسريع المحاكمات التي بدأت في 26/9/2013 بعد تدشين المحكمة في سجن رومية، وحتى 9/10/2015 وهو الذي توكّل عن أكثر من 56 متهمًا وترافع لأكثر من ثلاثين مرافعة، وتبقى جلسة واحدة نهائية للمرافعة في هذه القضية بتاريخ 9/10/2015.
ويسهب المحامي نعمة في شرحه لما حصل في قضيّة الأسير أن مآل الدعوى سيكون محلا للإدلاء بالدفوع الشكلية إضافة الى أنّ التحقيقات الأولية التي أجراها الأمن العام ومن ثمّ مديرية المخابرات مع الأسير، لا يسوغ قانونا إجراؤها، وفي هذه النقطة بالذات يوضح نعمة أنَّ الموقوف بتهم الإرهاب، يجب أن يحال الى النظارة العسكرية فور إلقاء القبض عليه، ولا يستجوب إلاّ من قبل رئيس المحكمة العسكرية، وهي المحكمة المختصة والتي يمثل أمامها المتهم للمحاكمة، إلا ان الدفاع، يضيف نعمة، وطالما ان التحقيقات تمَّت، يحق له الاطلاع عليها ليتّخذ موقفا منها، وبناء عليه استمهل فريق الدفاع عن الأسير للتقدم بطلبات أخرى، وذلك احتياطا من أي طارئ قد يفاجأ به. ويكمل نعمة بالإشارة الى أنَّ هذه الدفوع قد تنعكس إيجابا على جميع المدعى عليهم في قضية عبرا، فيما لو قبلت من المحكمة.
ويختم نعمة بالقول: إنَّ المحامي عليه أن يكون مُصلِحًا وخبيرًا بتفكيك فتائل التفجير في المجتمع، وذلك لا يتحقق إلا بمحاكمات عادلة، التي وحدها توصل إلى حكمٍ عادل، مؤكدًا أنَّ همّه الوحيد إظهار الحقيقة وخدمة القانون، مشدّدًا على ان المحاماة وقفات عز تهدف الى تأمين حقوق الدفاع للمتهم، والمحامي لا يجب أن يقف كشاهد زور، ويحلو لأنطوان نعمة تشبيه نفسه بالمحامي الفرنسي "جاك فيرجيس"(2) سائلاً: هل وقف بيرجيس في توكله بالدفاع عن "جميلة بوحيرد"(3)، في وجه دولته ورئيسها الجنرال شارل ديغول؟
(1) من المعلوم ان كف التعقبات أقوى في القانون من حكم البراءة كون كف التعقبات لا تقبل النقد من النيابة العامة.
(2) هو المحامي الفرنسي الذي أنقذ «جميلة بوحيرد» من الإعدام، وكان يستفز القضاء الفرنسي منشداً النشيد الوطني الجزائري أمام المحكمة الفرنسية.
(3) هي مقاومة جزائرية من المناضلات اللاتي ساهمن بشكل مباشر في الثورة الجزائرية على الاستعمار الفرنسي لها، في منتصف القرن الماضي.