دخلت أزمة النفايات التي افترشت الشوارع شهرها الثالث دون إيجاد حلّ لهذه المشكلة التي تتفاقم يوماً بعد آخر، والكارثة الكبرى ستحلّ مع هطول الأمطار واقتراب فصل الشتاء. ازاء هذا الواقع تكثّفت اللقاءات بين وزير الزراعة أكرم شهيّب الذي يتولى ادارة هذا الملف والمعنيين، وتم التوصل الى خطة أيّدها البعض ورفضها البعض الاخر لانها تنص على انشاء مطامر شبيهة بمطمر الناعمة.
إختارت اللجنة التي يرأسها وزير الزراعة أكرم شهيب مواقع عديدة لإنشاء مطامر صحية فيها، ولكن ما لم تبحثه اللجنة هو استمرار العمل بمطمر الناعمة، خصوصًا ان ضرر هذا المطمر لا يقل عن الضرر المتوقع لمطمر سرار في عكار. لماذا؟
ما الذي يُحضَّر؟
منذ سبعة عشر عاماً انشئ مكب الناعمة "بقرار سياسي" وبقي يتحمّل عبء نفايات بيروت وضواحيها وبعض مناطق الجبل منذ تلك الفترة، إلا أن الدولة وبضغط معروف المصدر إختارت تطبيق قرار إقفاله رغم عدم إيجاد البديل له، لتجعل من أرصفة الطرقات ومن بعض المواقع القريبة من مناطق سكنية مكبات نفايات عشوائية. هذا الامر طرح علامات استفهام عديدة، "فلماذا الان، وما الذي يحضر لمنطقة الناعمة وبعورته، وهل نتيجة جبل النفايات في صيدا أعطت الأفكار لآخرين للاستفادة من مطمر الناعمة؟" تسأل المصادر المطلعة عبر "النشرة".
في هذا السياق علمت "النشرة" ان خلف إقفال مطمر الناعمة قصة تجارية لا تمت الى الضرر البيئي بصلة. هكذا تجزم المصادر المطّلعة على القضية، وتشرح: "إن أقرب تجمع سكني للمطمر وهو المتضرر منه، يضم حوالي العشرين منزلاً يبعد حوالي الثلاثمئة متراً عنه، أما بالنسبة للمناطق الأبعد فلا تصلها الروائح الا نادرا". وتشير الى أنه "رغم ذلك حاول الأهالي رفع الصوت منذ زمن بغية الإقفال، إلا أن المصالح السياسية كانت تقضي باستمرار فتحه وبالتالي لم يكن صوت هؤلاء السكان مثمراً حينها، فكانت المطالبة تلو الأخرى دون نتيجة".
وتضيف المصادر انه "منذ حوالي الاربع سنوات علت أصوات سياسية مطالبة بإقفال مطمر الناعمة، لتترافق وتقديم مازن ومكرم ورمزي وزينة وهالة وداله الريشاني، مراجعة لدى التنظيم المدني حملت الرقم 48304 عام 2011 لضم وافراز العقارات 245 و247، 234 و235 و241 من منطقة بَعْوِرْته العقارية، وقد تابع الملف لدى التنظيم المدني حسبما علمت "النشرة" شخصيّة سياسية مقربة من زعيم سياسي كبير. نال هؤلاء الترخيص عام 2012 وبدأ العمل بالعقارات التي تطل على مطمر الناعمة والتي تبلغ مساحتها 467 الف متر مربع كما تظهر الصورة عبر الاقمار الاصطناعية(1).
الأمور جاهزة...
ولكن من سيقيم مشروعا بهذا الحجم قرب مطمر للنفايات، خصوصًا وأن مدخل المشروع يقع على الطريق نفسه الذي تسلكه شاحنات سوكلين لافراغ حمولاتها، ويبعد عن المطمر أمتارا قليلة؟، تسأل المصادر. وتضيف: "ان اسعار الاراضي المحيطة بالمطمر انخفضت الى اقل المستويات طوال الاعوام الماضية، في حين أن اقفاله وتحوله الى ملاعب رياضية وحدائق وملعب للغولف كما هو مقرر سيكون مردوده على اسعار العقارات والشقق والفيلات التي ستُبنى ضخمًا".
وتكشف المصادر أنّ "الطرقات شقّت داخل المشروع واصبحت الامور جاهزة لمباشرة البناء في تلك المنطقة التي يتراوح ارتفاعها عن سطح البحر بين 200 و400 متر والتي ضمنت الاّ يكون قربها مبانٍ لان المطمر والمنشآت التي ستقام عليه هي الاقرب لها، وان يمنع اشرافها على البحر أي مشروع نظراً لارتفاعها، وبالتالي فإن هذا المشروع سيدر ملايين الدولارات نظرا لمساحته الكبيرة ومواصفاته الرائعة.
في المحصلة، قضية إقفال مطمر الناعمة لا ترتبط بمسألة صحية وبيئية وإلا لما إختارت الدولة إنشاء مطمر في سرار بنفس شروط مطمر الناعمة بل هي قضية تجارية وسياسية بامتياز ستتكّشف معالمها في القريب العاجل!
(1)المشروع الذي تم الحديث عنه موجود ضمن الدائرة الحمراء، وقربها مطمر الناعمة.