لفت رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون الى انه "منذ 25 عاما على هذه الارض كان لبنان يُصلب، هذا اليوم ممتلئ بالوجع، وبكل قلب من القلوب التي تخفق الان يوجد فيه جرح. ومن كان ينظر الينا اتحد لتحرير الكويت وسمح بإحتلال لبنان، ففهم الشعب أنه لا يستطيع الاعتماد الا على نفسه، ودون حضور قوي لا يمكن أن يحفظ حقه"، ذاكراً انه "وفي 13 تشرين فرضت علينا القوى أمر واقع، لكن عدنا ورأسنا مرفوعا".
وفي كلمة له خلال إحياء ذكرى 13 تشرين الأول 1990، أشار عون الى أنه "في هذا اليوم صرخ الكثير أصلبوه، لكن كان هناك أيضا الرسل والمريميات اللواتي حملن الرسالة وآمنوا أن الوطن سيقوم، ولم يوقفهم شيئا"، معتبرا أن "الرسل هم أنتم، آمنتم بوطنكم وحقوقكم، ولم يعرف اليأس طريقه الى قلوبكم، والآن أرى العزيمة والايمان ينتقلان من جيل الى آخر".
وأوضح أن "كثر يسألون لماذا تقومون بإحياء هذه الذكرى منذ 25 عاما، وجوابنا هو أننا نخبر القصة للأولاد والأحفاد وان الوطن يكلف تعب ودم وشهادة كي يبنى. ونعلمهم أن الوطن يحتاج الى تعب وشقاء وعليهم الحفاظ على هذا الوطن لأنه وحده يؤمن الكرامة"، مشدداً على "اننا نلتقي وفاء للدماء التي نزفت والقلوب التي احترقت"، مؤكداً أن "العسكريين الذين سقطوا في ساحة الشرف سقطوا من اجل كرامة لبنان وحريتهم واستقلالهم"، لافتاً الى اننا "نلتقي لنكرم الشهداء، لأنه آنذاك لا أحد كان له الجرأة ليكرمهم، لذلك أول ما فعلته عند عودتي الى لبنان هو زيارة تمثال الجندي المجهول. كثر ظنوا أن لبنان دفن في 13 تشرين، لكن ما حصل يومها أن لبنان زرع في أرض طيبة أرتويت بدماء الشهداء ودموع الامهات واليتامى، ولم أشك أن هذا الزرع سينبت أروع المواسم، وستثبت حق لبنان بالوجود وبالحرية والسيادة والاستقلال".
واضاف: "كان هناك وعد وعهد للشهداء لبناء وطن يفتخر به أولادهم، لكن قبل عودتي عرفت أنه حتى بعد التحرير سيبقى هناك الكثير من العمل لتحقيق العهد، والتحرر أصعب من التحرير، ويوم عدت كان واضحا أن طريق التحرر طويل ويحتاج أولا الى تحرير النفوس، وتحرير الشعب من الطبقة السياسية الحاكمة"، مشيراً الى ان "الاشكالية الكبيرة كانت أن كل الذين حكموا بعد 13 تشرين هم نفسهم بعد التحرير ويتحكمون بالبلاد والعباد، وتغير الوصي ولكنهم لم يتغيروا، وهذه أول مرة في التاريخ يذهب المحتل ويبقى من كان يزحف أمامه أيام الاحتلال"، محملا "هذه الطبقة السياسية مسؤولية عن الانهيار الحاصل في وطننا الجريح. هم يهجرون الجميع، ولبنان أصبح هيكل عظمي ينتظر أعجوبة، نوره أصبح عتمة وأحلام الشباب أصبحت الهجرة".
وتوجه الى امشاركين بإحياء الذكرى قائلا: "أنتم اليوم أمام منزلكم الذي ينتظر تحريره من الفراغ، صوتكم سيعيده، فليبقى صوتكم عال حتى يصحى جميع البشر، وليتذكر كل واحد أن صوته سيحرر البيت الذي تعمد بإسمكم "بيت الشعب"، يمكن من أجل ذلك يفعلون المستحيل من أجل منع الصوت من الوصول، لكن لا احد يستطيع ايقاف هذا الصوت"، مشددا على أن "اليوم ليس مثل الأمس، وغدا ليس مثل اليوم، مرحلة النضال الجديدة بدأت والتغيير سيأتي عبركم، ولا شيء سيمنعننا من التنزه بشوارع بيروت بحضور أكبر".
ورأى عون ان "التغيير سيكون من خلال انتخابات حقيقية تمثل الشعب، ونضالنا هو الحصول على قانون انتخابي نسبي يحقق العدالة، يعطي صورة لبنان السياسية بأحجامها الطبيعية، وسنعمل لانتخاب رئيس جمهورية ليس دمية، نريد رئيس على صورتكم يناصر الحق، وليس حياديا يخفي رأسه ولا يشهد للحق، وليس وفاقيا يقسم لبنان مناطق نفوذ ليرضي الكل، وهم يشربون دم اللبنانيين".
واشار عون الى "هناك مجموعة تعتمد السياسة الكيدية وتوزع العتمة، وتتقاسم أرباح مولدات الكهرباء لأن العصابة هي الاقوى، فلبنان الذي يحتوي أكبر كمية مياه، يعرقلون فيه انجاز السدود من أجل أن يدفع الشعب 3 فواتير مياه. والنفايات أصبحت مشكلة مستعصية للحل بسبب سوء التخطيط، وأيضا ادارة مؤسسات الدولة التي أصبحت مؤسسات خاصة يستثمرها المسؤولون عنها، لمصالحهم الخاصة، ويشغلون السماسرة. قريبا كل خفي سيظهر"، مضيفا: "اذا اتهمونا بالتعطيل، فهذا صحيح نحن نعطل. نعطل القرارات العاطلة وانحراف المؤسسات واستغلال النفوذ وتخطي الميثاق الوطني".
وأكد "أننا لن نساهم بذلك بل سنقاوم سلبا بالتعطيل وايجابا بمحاولات التغيير بصورة مستمرة"، لافتا الى أن "التعطيل وصل الى المؤسسة العسكرية مما أثر على نفسية الضباط، فـ3 دورات متتالية خسروا حظوظهم بمراكزهم بعدما انتقلت عدوى التمديد الى المؤسسة العسكرية، وأصبح على رأس الجيش والقوى الامنية قيادات فقدت شرعيتها، وأصبحنا نخاف من أن يصيب التمديد كل الحكومة ويمدد كل وزير على مزاجه. وهذا الموضوع خطر جدا لأنه يفكك الدولة".
وذكر عون ان "هذه الحكومة ممدد لها، وكذلك مجلس النواب ممدد له منذ وقت طويل"، معتبرا أنه "اذا لم تصحح الحكومة التجاوزات فهي ستتحمل المسؤولية والتلاعب بالقوانين والاستحقاقات سيضعهم بموضع الاتهامات وسيفضح عمالتهم للخارج، خصوصا الذين يقاتلون بسيف غيرهم".
ورأى عون ان "الربيع العربي اختلط فيه الحابل والنابل، وحذرنا من وصول الحرب الينا اذا لم يخسر الارهاب في سوريا، وبعد 5 سنوات فهموا أن الارهاب نفسه، ومثلما قال البابا فرنسيس "ليست حرب أديان، بل حرب بين الخير والشر"، وبعض اللبنانيين يدعمون الشر مثلما فعلوا في الحرب مع اسرائيل منذ بضع سنوات، في 13 تشرين كان خيارنا أن العالم يستطيع سحقنا لكن لا يستطيع أن يأخذ توقيعنا، وهذا الخيار حفظ حق لبنان"، مشدداً على انه "في حرب تموز، خيارنا حمى لبنان، بينما هم كان خيارهم الفتنة، وبحروب الربيع العربي نبهنا من أنه لا يوجد فوضى خلاقة واخترنا أن نكون ضد الارهاب، اما خيار غيرنا فكان يعمل على تجميل صور الذبح وتسخيف الخطر، لتشريع أبواب البلد بوجه الفوضى، خياراتنا تخلص الوطن من أجل ذلك الحرب علينا كبيرة جدا، لكن هم لا يعرفون قوة العونيين ولا صلابتهم ولا ايمانهم ولا عزيمتهم".
واردف: "في 5 تشرين الثاني 1990، كتبت رسالة لأخي أبو نعيم قلت فيها أننا لم نسلم الوطن وأننا آخر من سيندم، والذي أراد 13 تشرين هو من سيندم إن كانوا دولا او أفراد، وكتبت رسالة أخرى قلت فيها، أن العمل الذي بدأتموه لن ينتهي الا بتحقيقه، نعم حققنا حلم العودة والتحرير، وعهد بناء الوطن ولن نستكين الا عندما نوفيه، والوطن أمانة سنحافظ عليها، وسننظفه ليعود صاف مثل دمعة أم الشهيد"، مضيفاً: "الى الذين لم يندموا أتت ساعة الندم، لا تراهنوا على الوقت والتعب والملل، نحن شعب لا ييأس وابواب الجحيم لن تقوى علينا، الى اللقاء أيها الأحباء في ساحة النضال من أجل لبنان أفضل".