رعى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان إحياء الليلة الثالثة من محرم في قاعة الوحدة الوطنية في مقر المجلس، في حضور حشد من علماء الدين، شخصيات سياسية، قضائية، عسكرية، تربوية، ثقافية، اجتماعية ومواطنين. وعرف بالمناسبة الشيخ علي الغول وتلا المقرىء أنور مهدي آيات من الذكر الحكيم.
وألقى العلامة الدكتور ميشال كعدي كلمة تحدث فيها عن "عالمية ثورة الامام الحسين، فالحسين قديس وهو قدوة ورسالة، ولولا الحسين لما كان يوجد اسلام على الاطلاق فهو اكمل رسالة رسول الله واتمها، وعندما قارنت الحسين بالمسيح لم اجد فرقا على الاطلاق فما تعذبه السيد المسيح عشر ما تعذبه الامام الحسين كما قال احد الكرادلة، واهل البيت هم قديسون، ولقد اصدرت 5 كتب عن اهل البيت فوجدتهم قديسين ورساليين، فهم عاشوا الفقر والزهد، ولقد بكيت عشرين مرة وانا اكتب عن الامام زين العابدين ولم استطيع ان أفي حقوق اهل البيت لان العظمة كلها موجودة في هذا البيت المبارك، ولقد فتشت على مدى 3 شهر في مكتبة الفاتيكان عن اهل البيت فجمعت 350 مرجعا مما يكشف مدى التواصل بين العالم الاسلامي والعالم المسيحي".
وقال: "ان الامام علي تاج المعرفة الاسلامية وتاج المعرفة في العالم فهو الذي اعطى دساتير العالم قوانينها واعطى الثورات العالمية قيمها ومفاهيمها، فهو مجموعة معرفة خلقت على الارض ومجموعة انسانية لها مكانتها ولا يمكن تلخيصها، ولقد كان الامام علي يناقش المسيحيين في الدين في زياراته لهم اذ زار 33 ديرا".
أضاف: "قدرنا منذ بداية الوحي، ان نؤمن بقدسية الرسالة وكلمة الله المنزلة، قدرنا ان نقبل بما يأمره الخالق، والرسول الموحى اليه، وابو الريحانتين، وما اثنى ونقله الحسين من كلام الله يوم عاشوراء صلى بأصحابه صلاة الصبح، ثم قال: "ان الله تعالى اذن في قتلكم وقتلي في هذا اليوم فعليكم بالصبر والقتال" قدرنا ان نرضى بشهادة الحسين، التي رأى فيها سعادة ، فنعم رافع الشهادة للخالق، التي تياسرت فيها مناقب القداسة، التي تسنمها المرسلون واقتدى بها الانبياء فشاءها الرب خالية من النواقص فتلك تعافت من الجبن والتراجع .الحسين هو الشهيد في سبيل الله, نشد الحقيقة فوجدها في بذل الروح فجدّ في القضية المثلى ولم يحجم فكان سخيا بالنفس، فقسم له الشهادة، وعندما شعر انه أتم رسالة الدين الحنيف مرتاح الضمير ، أسلم الروح ولسان حاله يقول: "استقدر الله خيرا، وارضيّن به", ووصل نعيه الى ال البيت وقد جاد بنفسه سيدا لكرامة الاسلام ورفعة للبطولة الخارقة والعنفوان والشأن الرباني ولا غرو، فقتيل كربلاء فيه عبق الرسالة وخشوع التأمل والطلعة الغراء، ووجوه طليعية مست بجناح القدرة، والق الخلافة، وتاج الامامة، ولا عجب، فالشهيد هو سبط المصطفى، وبضعة الزهراء، وحجة الله على الملأ، اما آله في الايمان فقد غدوا ملء الزمان والمكان. في الدنيا وجوه تغيب، لتتحول الى بقاء، واذا تناعوها فليكن بدمعة ملؤها الفرح والقناعة".
وتابع: "أما الامام الحسين فقد خص بالبقاء الدائم في الاديان والطوائف العالمية، وبقي ركن ايمان وصلاة، ومعينا للفضائل وقبسا لارواح ونفوس المؤمنين في الاديان كلها، ثم زادها ضياء في عيون البشر.لامام الذي نعيده الينا في عاشوراء، دخل الزمانين، فأحبه الكون والمرء والعقب، ومشت على زهرة دمه الاجيال، وعطفت عليه الدنيوات. هذا المعرف في الاصالة والنسب سليل الرؤى والشموخ، ومسرى البصر الى ضحايا آل البيت، الذين قضوا ضريبة سيوف الغدر، ودريئة الرماح، ورمية النبال ، وقد قضوا وفي ارواقهم بهاء النعمة والصدور الزواكي".
وقال: "سيد شهداء الله، الحسين، عندما ذهب الى المنية، لم يعمل بوصيه الراهب اسطفانوس احد رهبان الاديار المسيحية، التي كانت منتشرة بين كربلاء والنجف الاشرف، وفي تلك اللحظة بكى الراهب وقال للحسين: اتمنى ان اكون طعمة للموت مكانك يا بني، وانصرف. ولكن، ما كتب قد كتب فوثب الحسين وهو الجاسر الشجاع، وثبة اسدية، ملؤها الايمان بالخالق والاسلام، وعلى فرند سيفه وشق ريشته الملأى بطيب الفرقان، دفاع عن الكرامة والانسانية راسما بنجيعه طريق الاسلام والشيعة والصلاح والقدوة والقيم والرسالة.الحسين، اضاف الى آل الرسول، غر الصفات الحسينية حيث كانت النخوة والترفع ونكران الذات، والقوة الخارقة، وملامح لا تزول من البال. الحسين، ظل على ضراوة النضال والجهاد، من دون ان تلين له شكيمة، هازئا بمال الارض، وكثرة اعداء الاسلام، والنتائج مكتفيا بشرف الغاية، تاركا لنا وللعالم العربي، ان ننعم بغنائم الشهادة المثلى".
ورأى أن "من عظائم الشهادة الكربلائية، انها اعظم من ملاحم الارض كلها كبيرها وصغيرها، شهادة الحسين هي اروع امثولات كربلاء انها خطة الامام الحسين، التي ما ارادها الا لغايتين، الغاية الاولى منزهة عن الحسابات والثانية ليثبت فيها ضرورة التضحية لبقاء الدين والايمان به.وهذا ما قاله فيلسوف الكنيسة، القديس بولس، الذي رفع الايمان الى فوق، والشهادة الى مستوى القداسة. اما الشهداء فحسبهم للحق الشهداء بخلودهم لا بوجودهم وحسيننا الشهيد، ازاء اسنة التواطؤ والغدر وطن نفسه على الصبر واقدم على ارادة الله، فغدت تصرفاته شهوة في النفوس المؤمنة بسيد الكون والاسلام".
وأشار الى ان "الحسين قبل رحيله نقى حياته من الشوائب وعمدها بماء الجنة، كما انه نخّلها من كل ما هو نافل لتتوحد في الجوهر، فاعتلى المنابر نازعا الاقنعة والمصانعة طالبا من الناس ان يبنوا حياتهم على الجرأة والصراحة والجهاد والشجاعة، وفي اي حال، رفض المبتذل وما اقتنع الا بربه وانوار الحقيقة، واذا دعاه الاسلام نهض بتبعات ارثية وذاتية ثم الى نصرة البائس والدفاع عن المظلوم والمغلوب على امره".
وقال: "ايها الناس، اذا كان الشهداء ينالون اماكنهم في الخاطر اليقظ وفي سدرة الجنان، فاي مكان يناله شهيد كربلاء.يا ابا عبد الله انت من رموز القديسين الذين جاوروا السماء، فما اتفهنا ان لم نقر بذلك، وما اعجز الخلق ان ظلوا على قلة الوفاء والخذلان ،قلت شخصيا في كربلاء قرب مرقدك وانا القي محاضرتي التي بعنوان "عالمية الامام الحسين في الاديان والطوائف العالمية" قلت: نحن لم نخسر في كربلاء وان غبت شهيدا، كأنما الله اراد نصرك في الشهادة.يا حسين، غلبة السلاح ليست غلبة، انت الغالب في قيمك ودينك او تسألون كيف؟ الغالب من تعاطفت فيه الارومة الاحمدية، وعظمة حيدرة ونقاء الزهراء. يا ابا عبد الله انت حامية اسلام ولا جدال، لو تعرفون لولا سيد الشهادة هذا، لولاك يا سيد الشهادة، ولولا قاعدة الشهادة في بيتكم وآلكم، ولولاكم من ابيك اليك الى ريحانتك الى صحبك الميامين لما بقي الاسلام. يا حسين ان دمك الذي اضاء في نفوسنا، جد في تنمية المناقب والفضائل والصفات وترسيخ البطولة والمثالية والفداء ومفاهيم المجد. بلى، يا مثلث الامامة، فيك كانت الغلبة والمعاني الخالدة التي لا تفنى. اما الوعد لك فسنبقي كربلاء للبقاء في ذواتنا ودنيانا".
وختم كعدي بقصيدة "الحسين المقاوم" جاء فيها: قم الى امتي وقاوم عداتي فالهوى مسكني، وانت ثباتي، ارفع السيف ضاربا لا تساوم ولك القوم يطلق الوقفات، زارت الذكريات روح حسين ليفيض الوفاء حب حياة، يا حسين علمتنا كيف نجزي نرسل الزند لاهب القتلات، لاح وجه العلي في طالبي يضرب الكفر اشجع الضربات".
وفي الختام تلا السيد نصرات قشاقش السيرة الحسينية والشيخ علي فقيه زيارة الامام الحسين.