في العلن، نزل أهالي المقدم ربيع كحيل الى جسر الرينغ وقطعوه بالإطارات المشتعلة، بعد ساعات قليلة على إصدار قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا قراره الظني في جريمة قتله، متهمًا الفار من وجه العدالة هشام ضو (مواليد 1977) والموقوف إيلي ضو (مواليد 1988) بقتل كحيل. وفي العلن أيضاً لم يثلج قرار أبو غيدا قلوب أهل المغدور وأصدقائه لأن العقوبة التي وردت في القرار تقلّ عن الإعدام ولا تصل إلى الأشغال الشاقة، على اعتبار أن القاضي لم يدّع عليهما بالجناية المنصوص عنها بالمادة 549 بل بالمادة 547 التي تعد مرتكبها قاتلاً عن قصد وبامتلاكه النيّة الجرميّة، ليس عن سابق تصوّر وتصميم أو بمعنى آخر أنّه لا يعرف ضحيته ولم يحضّر لجريمته. وهنا تجدر الإشارة الى أن إعتراض عائلة كحيل جاء من أن هذه المادة تتراوح العقوبة فيها بين 15 عاماً بالحدّ الأدنى و20 عاماً بالحدّ الأقصى، فيما المادة 549 (القتل المتعمّد) تعتبر أن القاتل ارتكب جريمته عن قصد وحضّر لجريمته من قبل وصمّم على ارتكابها بفكرٍ إجرامي فتصل عقوبتها إلى الأشغال الشاقة المؤبدة والإعدام.
كل ذلك في العلن، أما وراء الكواليس، فتكشف المعلومات عن مفاوضات تدور عبر وسطاء بين عائلة كحيل وآل ضو بهدف إسقاط عائلة القتيل حقها مقابل مبلغ ضخم من المال، عندها يبقى هشام وايلي ضو ملاحقين فقط بالحق العام الأمر الذي يخفف العقوبة عنهما. المبلغ الذي يحكى عنه هو مليون دولار أميركي، حيث أعربت عائلة هشام ضو، وهي ميسورة مادياً، عن إستعدادها لدفعه مقابل تنازل العائلة عن حقها. غير أن هذه المفاوضات لم يكتب لها النجاح بعد والسبب وجهات نظر مختلفة داخل عائلة كحيل، لا سيما بين أهل القتيل وزوجته المحامية. فالزوجة وطفلها الذي لم يبلغ عمره العام الواحد بعد، هما الوريثان الوحيدان للمقدم كحيل، وبالتالي، فالتعويض المالي الذي حصلت عليه مقابل سنوات خدمته كما الراتب الذي تستمر بقبضه بعد مقتله، يعودان اليها وطفلها حصراً لأن والدي كحيل متوفيان وأشقاءه أو شقيقاته ليسوا من ورثته.
الخلاف القائم اليوم حول مبلغ المليون دولار، ومن سيحصل عليه: الزوجة والطفل أو عائلة المقدم، أم الإثنين معاً بعد تقاسمه. أضف الى ذلك هناك في عائلة كحيل من يرفض هذه المقايضة على دمه، ويعتبر أن "القاتلين يجب أن ينالا عقابيهما المخفف أساساً بسبب قرار القاضي أبو غيدا كاملاً، كما أن العائلة يجب أن تبحث مع المحامين عن إجتهادات قانونية تعيد تشديد العقوبة على القاتلين لا أن تقايض دم كحيل".
هكذا، تعود هذه القضيّة من جديد لترخي بظلالها على الواقع اللبناني، فهل يكون القضاء اللبناني الحكم في هذا الاطار، أم يدخل النزاع مرحلة جديدة على خط قضيةٍ هزّت جميع اللبنانيين، ليكشف عن أزمةٍ اجتماعية بالدرجة الأولى، بين صعوبات الحياة ومشاقها من جهة، وضرورة أن ينال كلّ مجرمٍ عقابه مشدّدًا؟...