لماذا الجامعة اللبنانية؟ لماذا لبنان؟
سؤالان مترابطان، ويلحّانِ كثيراً في هذا الوقت من حياة لبنان الإستثنائية، التي نشهد فيها تراجعاً ملحوظاً في مفهوم المؤسسات ودورها الجامع والراعي لشؤون الناس وقضاياهم.
والقضيّة التي تُلِّح اكثر، فضلاً عن هموم الفراغ الرئاسي وجمود المؤسسات الدستورية وتعطيلها أستراتيجياً، هو الانعكاسات الحادّة لهذا التراخي في الحياة العامَّة، على الحياة الأكاديمية في الجامعة اللبنانية، التي تواجه وجوهاً عدة من التجاهل لقضاياها المحقّة، مالياً وإداريا، الأمر الذي يطرح بقوّة قضية إستقلالية الجامعة، والعمل من اجل إسترجاع كل الصلاحيات المأخوذة من مجلسها، بما يتوافق وكرامتها والأساتذة، وكرامة الوطن!
وفي هذا المجال، نرى انّه على أهل الجامعة بل من حق وواجب كل استاذ جامعي ان يسأل ويتساءل ما إذا كانت الجامعة اللبنانية يتيمة او متروكة او مستهدفة!؟
فالجامعة الوطنية التي ما كادت تفرح بتشكيل مجلسها وإدخال اساتذة جدد الى التفرغ، حتى برزت مشكلة التدخل السياسي والمذهبي بشكل حاد وتركت ندوبها على خدّها، هي التي لا تكاد تخرج من ازمة حتى يسعى البعض لإدخالها في أزمات متلاحقة، والعمل لإستثمار النزاعات وتوظيفها لحسابات خاصة على حساب الوطن والمؤسسة الوطنية، التي أثقلتها التدخلات وارهقتها المزايدات خارج الاصول الاكاديمية والاعراف التي تربّينا عليها في الجامعة اللبنانية، التي صارت في حساب البعض (ضحية غبّ الطلب) او مدخلا للمزايدات الغريبة عن سلوكياتنا الوطنية العريقة.
فباستغراب كبير اتساءل عن غياب الاساتذة عن الإنتصار لكرامة المؤسسة وحمايتها من التجاذبات القاتلة.
وباستغراب اكثر شدّة اتساءل عن سبب غياب المجتمع المدني عن الدفاع عن الجامعة ودورها الوطني، وإنتشالها من براثن المخاطر التي تتهدد إستقلاليتها المنشودة، والتي تعتبر البند الاول على جدول اعمال اهل الجامعة في نضالهم المستمر والدائم.
نعم، انا الاستاذ المسيحي أرى نفسي معنيا بكل ما يحدث في الجامعة وحولها، إنطلاقا من انني لبناني كامل المواطنة، ومن حيث انني من كل الطوائف ولكل الطوائف، ومن كل المناطق ولكل المناطق...
نعم، انا البعلبكي أشعر انني اكثر طرابلسية من الطرابلسيين، واكثر جنوبية من الجنوبيين... لأنه إن سقط مني جزء سقطت كلني بالتمام، وإن غاب عني زميل، شعرت انني يتيم الصداقة وفقيد الزمالة...
ليست الجامعة اللبنانية مكسر عصا، ولن تكون...
وليست الجامعة اللبنانية ساحة للمبارزة الطائفية، ولن تكون...
المطلوب الآن من جميع اللبنانيين ان يحموا الجامعة اللبنانية بعيونهم وقلوبهم، كي لا تصبح هذه المؤسسة مدخلا للمبارزات غير الاكاديمية وغير الوطنية والتي تنذر بعواقب خطرة على اكثر من صعيد.
والسؤال المحوري الذي يطرح الان، هو: هل الجامعة متروكة للقدر؟ وهل اصبح المجتمع اللبناني بكل توزعاته وفئاته، شاهد زور على قتلها وإضعافها لصالح شركات تعليم خاصة؟