لا يزال المراقبون كما الجهات اللبنانية المعنية وعلى رأسها وزير الخارجية جبران باسيل يجهلون الاسباب المباشرة والحقيقية التي دفعت الولايات المتحدة الأميركية والأطراف المولجة تنظيم مشاورات فيينا لحل الأزمة في سوريا، لدعوة لبنان الغارق بمشاكله للمشاركة في صياغة هذا الحل المنشود.
فلا شك أن الأطراف الدولية لا تطمع بقدرات لبنان على اقتراح المعجزات في هذا الخصوص، وهو الذي لم ينجح منذ أكثر من 100 يوم باجتراح حل لأزمة النفايات التافهة التي أغلقت شوارعه وكادت تدخل منازل مواطنيه. كما أن لا جدل في أن المجتمع الدولي لا يعوّل على لعب بيروت دور الوسيط القادر على اقناع الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحّي، أو معارضيه بالقبول ببقائه على رأس المرحلة الانتقالية الموعودة، فبوجود "حزب الله" منذ أكثر من 4 سنوات داخل سوريا مقاتلا الى جانب الجيش السوري ينحاز لبنان الرسمي تلقائيًا الى محور ايران–روسيا-سوريا بالرغم من تمسك حكومته علنًا بمبدأ الحياد والنأي بالنفس احترامًا للانقسام الداخلي العمودي حول النظرة الى الأزمة السورية ومسبباتها وطرق معالجتها.
وفي هذا السياق، تقول مصادر في قوى "8 آذار" أنّ لبنان العضو في مشاورات فيينا "هو لبنان المقاوم، وليس لبنان النائي بنفسه"، لافتة الى أنّه "وبقرار الولايات المتحدة الأميركية دعوة ايران للمشاركة في المؤتمر الدولي الى جانب روسيا، قرّرت واشنطن تلقائيا دعوة كل الأطراف الفاعلة الحليفة للاسد والمعنية مباشرة بالأزمة ومن هنا كانت دعوة لبنان على خلفية الدور الكبير الذي يلعبه حزب الله على الاراضي السورية".
وتشير المصادر الى ان طاولة فيينا هي الطاولة الدولية الأولى من نوعها التي تبحث عن الحل لأزمة سوريا في المكان الصحيح، من خلال جمعها الطرفين المهاجم والمدافع في مساحة واحدة بعدما كانت معظم المؤتمرات السابقة تغيّب العديد من الأطراف، وتكتفي بالنقاش والتحليل ووضع المسودات التي لا تلبث أن تتلاشى قيمتها مع انتهاء أعمال هذه المؤتمرات.
وتلفت المصادر إلى انّ مجرد الدعوة التي وجهت الى لبنان للمشاركة في المؤتمر "مكسب استراتيجي هائل" له، فوجوده بين الدول الـ17 الكبرى على طاولة واحدة ليكون شريكا في ايجاد حل للحرب السورية التي تحولت أزمة عالمية تهدد بأي لحظة باندلاع حرب عالمية ثالثة، اقرار بحجمه ودوره وقدرته على ان يشكل عاملا ايجابيا مساهما بحل الوضع السوري المأزوم متى انطلق قطار الحل.
وتعي المصادر بأن أهمية اجتماع فيينا تكمن بمجرد انعقاده وبلقاء الأطراف المؤثرة بشكل مباشر حول طاولة واحدة، بغض النظر عمّا قد نتج عنه، مرجحة أن يكون لفيينا موعد مع أكثر من لقاء على هذا المستوى في الايام والأسابيع المقبلة، على أن تسير المشاورات السياسية على ايقاع الميدان، بحيث ان روسيا وحلفاءها لن يقدموا أي تنازل يُذكر على صعيد العمليات العسكرية التي ستبقى على وتيرتها حتى تبلور معالم الحل.
وحتى وصول سيناريو للحل يرضي طرفي الصراع، وهو ما يبدو متعذرا في الوقت الراهن بالرغم من ابداء طهران مرونة لجهة موافقتها على السير بمرحلة انتقالية لـ6 أشهر يكون الاسد جزءا منها على ان يكون له الحق بالترشح بانتهائها للرئاسة مرة جديدة، سيبقى هدير الطائرات الحربية الروسية مسموعا في أنحاء عواصم العالم، مع حرص موسكو على أن تُطبخ الحلول على وقع نار غاراتها وتحركات اسطولها في المنطقة.