مرة جديدة يطيّر الإرهابي نعيم عباس جلسة محاكمته أمام المحكمة العسكرية. وكما في الجلسات السابقة، كان التغيّب المتعمد لوكيل الدفاع عن عباس المحامي طارق شندب حجة التطيير الأساسية، ليضاف اليها حجة جديدة ألا وهي مطالبة الموقوف بنقله من سجن الريحانية وإلا لن يقبل بمحاكمته. كل هذه الحجج التي يستعملها الرجل الخطير، الذي سبق واعترف بتفخيخه عشرات السيارات، إضافة الى تلك التي تذرع بها محاميه في مرحلة سابقة عندما قال إنه لا يحضر الجلسات لأن رئيس المحكمة العميد خليل ابراهيم لا يسمح له بتصوير ملفات التحقيقات الأولية التي أجريت مع موكله، ليست كل الحقيقة بحسب العارفين بكواليس المحكمة العسكرية، وقد لا تمت الى الحقيقة بصلة، بل هي مجرد أسباب معلنة تستعمل من قبل عباس ووكيله لإخفاء الهدف المستور الذي تؤجل الجلسات لأجله.
العارفون بكواليس المحكمة العسكرية، يروون أن عباس الذي يرد إسمه في العشرات من الملفات القضائية التي تندرج ضمن خانة الجنايات والإرهاب، من أحداث عبرا الى التفجيرات الإرهابية التي تبنّت كتائب عبدالله عزام تنفيذها خلال السنوات الأخيرة في الضاحية الجنوبية والهرمل وغيرها من المناطق، عليه المثول أمام المحكمة العسكرية بوتيرة شبه أسبوعية، وعلى وكيله أن يحضر كي تكون عملية استجوابه قانونية بحسب قانون القضاء العسكري، ولكن لو كان سبب عدم محاكمته حتى اليوم يقتصر فقط على غياب محاميه، لكانت المحكمة حلّت القضية بالطرق القانونية المتاحة من خلال التنسيق مع المراجع القضائية والقانونية المعنية.
إذاً إصرار عباس على وكالته لشندب ورفض عزله لمصلحة محامٍ آخر أو كي يتسنى لنقابة المحامين بأن تعيّن له وكيل دفاع يحضر الجلسات ويساعد على سير المحاكمة، سببه بحسب المصادر القضائية، السعي الى تأجيل صدور الأحكام بحقه، فما دام موقوفاً، وقبل أن يصدر بحقه حكم قضائي، يمكن أن تشمله المقايضة التي تدور المفاوضات حولها بين الدولة اللبنانية وتنظيمي "جبهة النصرة" و"داعش" الإرهابيين، مقايضة العسكريين الأسرى في جرود عرسال بموقوفين إسلاميين في السجون اللبنانية، والتي سبق للمفاوضين أن أبلغوا التنظيمين المذكورين أنها لا يمكن أن تشمل أسماء سجناء صدرت بحقهم أحكام قضائية.
هذا التأجيل المتعمّد لمحاكمة عباس بهدف الإفلات من العقاب عبر المقايضة، لن يمرّ مرور الكرام لدى أهالي شهداء وجرحى التفجيرات الإرهابية التي إستهدفت مدنيين وعسكريين في بئر العبد والرويس وحارة حريك إضافة الى السفارة والمستشارية الإيرانية والهرمل والطيّونة وضهر البيدر فالشويفات، "وكيف لا ننسق فيما بيننا تمهيداً للتحرك أمام المحكمة العسكرية، عندما نسمع عبر وسائل الإعلام عن نيّة إطلاق سراح إرهابيين، ومن يضمن ألا يكون المخرّب عباس بين المُفرج عنهم، بعدما قتل أولادنا وأهلنا عبر سياراته المفخخة". ويسأل هؤلاء، "كيف يمكن القبول بإطلاق سراح مجرمين من العيار الثقيل كهؤلاء بهدف إنقاذ العسكريين الأسرى، من دون الأخذ بعين الإعتبار أن نعيم عباس على سبيل المثال لا الحصر، قد يعاود نشاطه الأحبّ على قلبه بعد ساعات من إطلاق سراحه، فيرسل سيارة مفخّخة يقودها انتحاري الى حاجز للجيش وعندها تقع الكارثة، التي قد توقع ضحايا بين عسكريين ومدنيين أكثر من العسكريين الأسرى لدى "جبهة النصرة" و"داعش"، وهذا يسري أيضاً على جمال دفتردار وجمانة حميد وعمر الأطرش، واللائحة طويلة".
إذاً، لهذه الأسباب يتعمّد عبّاس تأجيل محاكمته ويجاهر بذلك أمام القاضي ابراهيم، الذي يبدو أنه بدأ البحث جدياً عن مَخرَجٍ قانوني يسمح له بالمحاكمة غصباً عن الارهابي المذكور، كما وعده في الجلسة الأخيرة.