جاء خطاب الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله في مناسبة يوم شهيد "حزب الله" "حافلا" كعادته بالمواضيع والطروحات، ولكن لعل أبرز ما تطرق اليه السيد هو حديثه القديم الجديد عن الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل، وثانيا ما طرحه عن "تسوية سياسية شاملة" تحل الازمات العاصفة ضمن سلة واحدة بعيدا عن الحلول "بالمفرق" او "بالحبة" كما قال نصر الله.

ترك كلام السيد المجال مفتوحًا أمام التحليلات فالكاتب والمحلل السياسي ​جوني منير​ يرى ان تخصيص السيد نصر الله لقسم كبير من خطاباته ومنها خطاب الامس عن اميركا واسرائيل له دلالات كبيرة بشأن أمر ما تحضر له الادارة الاميركية في المنطقة. ويقول منير لـ"النشرة": "أظن ان اميركا ستعمل على تسوية عربية اسرائيلية بعد نضوج وقطف التسوية في سوريا، لذلك وجه السيد نصر الله كلامه نحو اميركا لتكون الصورة واضحة امامها برفض حزب الله المطلق لأي تسوية يكون هدفها نزع سلاح حزب الله والمقاومة سواء في لبنان ام في فلسطين".

وهنا تشير مصادر مطلعة الى انه يمكن الربط بين زيارة رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو الى اميركا وبين خطابات الأمين العام لـ"حزب الله" الاخيرة التي وجه بها "سهام" الكلام الى اميركا واسرائيل، فالسيد لا يفرق بينهما لا بل لطالما اعتبر أن اميركا هي أساس المشاريع الاسرائيلية، وما يتم التركيز عليه في الخطابات الاخيرة ليس "خطر" الحرب الاسرائيلية القادمة على لبنان، بل ما يتم التحضير له في مطبخ البيت الابيض، كذلك تشير المصادر الى ان عبارة السيد نصر الله في خطاب ذكرى عاشوراء عندما قال: "لا نتانياهو ولا جد جد نتانياهو سيستطيع وقف عملية تسليح المقاومة"، هي رسالة واضحة للمشروع "المستقبلي" القائم على نزع هذا السلاح ضمن تسوية عربية اسرائيلية تعوض هزيمة اسرائيل في الملف النووي الايراني. وهنا تلفت المصادر النظر الى أن ما يؤكد نظرة الامين العام من ضمن امور كثيرة هي الحملة التي انطلقت عشية زيارة نتانياهو الى أميركا بحيث جاء في بيان البيت الابيض: "ان الرئيس "يتطلع" لمناقشة "الحاجة لتقدم حقيقي نحو حل الدولتين" للقضية الفلسطينية-الإسرائيلية"، كذلك الالتفات للحملة التي أطلقها مركز "دانيال أبراهام" للسلام في الشرق الاوسط، والذي يتخذ من واشنطن مقرا له، للدفع باتجاه "حل الدولتين" باعتباره الحل الذي يضمن أمن إسرائيل.

أما بالنسبة للشق الثاني من الخطاب والذي اقترح فيه السيد نصر الله العمل على تسوية سياسية لبنانية شاملة تعالج مسألة رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب بالاضافة الى شكل الحكومة المقبلة واسم رئيسها، فترى المحللة السياسية ​روزانا بو منصف​ ان حديث السيد نصر الله "أتى بالجديد"، فهو يعني ان "حزب الله" جاهر علانية بما يريده، وهو التسوية السياسية، في وقت تتواجد فيه في خلفيات الخطابات التي يحملها اغلب السياسيين في لبنان. وتضيف عبر "النشرة" أن "جميع السياسيين مقتنعون بأن الخروج من الازمة السياسية الراهنة لن يكون سوى عبر تسوية تحمل على متنها ملف رئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات والحكومة المقبلة، بحيث ان أيا من هذه الملفات لا يمكن حله على حدى". وتشير بو منصف الى ان طرح ذلك هو الخطوة الاضافية التي يريد حزب الله من خلالها القول اننا لسنا عالقين ضمن المستنقع بل نريد الخروج نحو الحل، مؤكدة في الوقت نفسه ان الحزب لن يتخلى عن اوراقه قبل الجلوس على طاولة التفاوض وبالتالي فإن تمسكه بترشيح رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" الجنرال ميشال عون للرئاسة لا يزال قائما.

وفي نفس السياق يرى منير أن هذا الاقتراح يعني بداية نضوج التسوية الاقليمية والاقتراب من بحث الشق المتعلق بلبنان. ويعتبر أن "نصر الله لم يطرح المؤتمر التأسيسي بل تسوية موقتة تحضر اللبنانيين لما هو قادم من الخارج"، مشيرا الى انه سبق له واشار الى ان رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري سيعود الى لبنان لاسباب تعود بنا للتسوية التي بدأت في المنطقة ومن ثم لبنان.

تؤكد المصادر أن مفاعيل "تسوية الجلسة التشريعية" تنتهي مع "ضربة مطرقة بري" فالمجلس النيابي سيقفل ابوابه مجددا، والمرحلة القادمة لها برنامجها الخاص، مشيرة الى ان خطاب السيد نصر الله يعني اقتراب وضع لبنان على جدول اعمال "التسويات" التي تُبتدع في المنطقة، ولكن هل يرسم اللبنانيون تسويتهم الخاصة أم انهم سيكونون كما دائما "تلامذة نجباء" ينتظرون الاسقاطات الخارجية؟