اذا بعد ان سلكت الجلسة طريقها على واقع التسوية بدا انها افرزت علاقات سياسية جديدة على خلفية المواقف التي سبقت الجلسة وبات يمكن القول بان العلاقة بين ثنائي ورقة النوايا عون وجعجع وبين حلفائهما التي كانت محط انظار وترقب بدت وكانها ليست «مدا وجزرا» بين التيار الوطني الحر وبين حليفه حزب الله وكذلك ليست ايضا «مدا وجزرا» بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل، اذاً هي حاليا بين العماد عون وبين السيد حسن نصرالله هي «مد.. ومد». اذ في حين اعلن النائب محمد رعد عن استعداد نواب الحزب المشاركة في الجلسة التشريعية، قال عون بأن علاقته بالسيد نصر الله وفق صيغة «المد والمد» اي انها اقوى من قلعة بعلبك، فلاقاه نصرالله بقوله «ان مرشحنا الرئاسي لا يزال هو هو وليفسح له الآخرون ما يريدون منه لانتخابه». في حين ان العلاقة بين الحريري وجعجع باتت «جزرا... وجزرا» لا سيما من خلال وضع رئيس القوات لرئيس المستقبل امام ارث الحفاظ على الميثاقية وسعيه لاحقا لمناشدته لتولي دور انقاذي ومن ثم توجيه شكره له بعد التسوية التي اوجدها.
فيبدو ان المواقف الاخيرة لجعجع تقول اوساط المستقبل ادت الى تباعد بينه وبين المستقبل ستظهره الايام استنادا الى كلام رفيع المستوى يتداول في هذا التكتل انطلاقا من استغراب هؤلاء مناشدة جعجع للحريري للحرص على الميثاقية والشراكة وهو الذي اندفع في اتجاه القانون الارثوذكسي الذي يحول الطوائف الى فصائل مذهبية وهو ما يرفضه كليا تيار المستقبل من ان يتحول فصيلا سنيا سيما ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان حريص على التنوعات داخل تيار المستقبل على الصعيد الوزاري والنيابي والقيادي والنقابي. تضيف الاوساط ان لدى كل استحقاق نجد بان الحليف جعجع يحول منحى اهتمامنا في اتجاه قيادة محورين من الخلافات واحد مع حزب الله وآخر في اتجاهه، فلدى قانون الانتخاب كان الخلاف مع جعجع وابان الدعوة الى الحوار في بعبدا قاطعها جعجع ثم تبنى بيان النأي بالنفس وكذلك حصل الامر لدى تشكيل الحكومة الحاليةحيث كان تباين بيننا وبينه.
وتابعت الاوساط في المستقبل بان حزب الله يعتبر بان الغطاء الذي كان يؤمنه له عون قد انحسر وطنيا وبات الحزب مكشوفا ويريد ان يستعيض عن هذا «الغطاء العوني» باجراء انتخابات نيابية وفق قانون يأخذ من بيئة الآخرين ولا يستطيع اي من الاحزاب المقابلة ان تحصل على حصة من داخل بيئته، عدا ان اقرار القانون في هذا الظرف من شأنه ان يدفع بقوى 8 آذار تقديم الانتخابات النيابية على الرئاسية ويكون بذلك جعجع وقع بشباك عون. وهو يكون قد تراجع عن اولوية الانتخابات الرئاسية في حين بالامكان مناقشة القانون الذي تفاهم عليه المستقبل والقوات في مرحلة لاحقة.
ولا يبدو ان القوات اللبنانية حسب اوساطهاتجد التباين الحالي مع المستقبل بأنه ترك هوة بين الجانبين اذ جعجع اراد من مواقفه الحفاظ على الشراكة لاعتباره بأن قانون الانتخابات حاليا يقوي الدور المسيحي الذي هو مطلب القوى التي تنادي بالشراكة، ولذلك فان علاقته بالحريري لا تسقط أمام هكذا مطب.
لكن يبدو ان ما اقدمت عليه القوى السياسية من تفاهم لعدم تعطيل التشريع وربط عقد اي جلسة جديدة باقرار قانون انتخاب وفق وعد الحريري تقدم عليه حسن نصرالله الذي اعتبر ان حل الازمة السياسية في البلاد يتطلب سلة متكاملة تجمع بين رئاسة الجمهورية وصيغة الحكومة الجديدة ومجلس النواب وقانون الانتخاب بما يعني ان المسيحيين وحدهم لا يستطيعون ربط اقرار القانون بموقفهم لأنه جزء من صفقة كاملة وذلك تكون الامور تدور في حلقة مفرغة. وقبض كل من عون وجعجع «شيك مؤجل» و«قبض الاخرون نقدا».