بعد وقوع جريمة تفجير برج البراجنة، واعتقال الشبكات الإرهابية في مناطق لبنانية عدة، ثبتت صحة المعلومات التي تحدثت عن إمكان تحرك خلايا تكفيرية نائمة في عدد من المناطق اللبنانية، وباتت هذه المعلومات في عهدة الأجهزة المعنية، وهي تعمل جاهدة على اكتشاف هذه الخلايا، وتوقيف أفرداها، تجنُّباً لوقوع جرائم جديدة مماثلة لجريمة الضاحية وسواها، حسب ما تؤكد مصادر معنية.
وما يبعث الطمأنية، هو نجاح الجيش اللبناني وباقي الأجهزة الأمنية في تعقّب الشبكات المذكورة، وتوقيف أهمّ العقول التخريبية فيها، وماتزال تتابع الأجهزة مهمتها في محاولة لتطويق أي عمل إرهابي مفترض، ولا شك أن هذا النجاح سيحد من هامش تحرك الإرهابيين، وسيجعل إمكان خرق الأمن اللبناني صعباً ومحدوداً، لكن يبقى قائماً، برأي مرجع إسلامي متابع يكشف أن هناك معلومات تتحدث عن قدوم عدد من الإرهابيين إلى طرابلس والشمال، ممن التحقوا بالتنظيمات التكفيرية المسلّحة في سورية والعراق، والذين يبلغ مجمل عددهم نحو 600 مسلح من لبنان الشمالي فقط، وقد عاد قليل منهم إلى لبنان بغية تنفيذ عمليات إرهابية، لاسيما أنهم يُتقنون التنقّل على الأراضي اللبنانية.
ويلفت المرجع إلى أن التكفيريين استفادوا من حالة التوتير المذهبي التي كانت سائدة بقوة في السنوات الفائتة، إضافة إلى رعاية بعض الجهات النافذة لصراع المحاور في طرابلس، وتأمين الغطاء الأمني والسياسي له، وفي طليعتها "تيار المستقبل"، كذلك احتضانه المجموعات التكفيرية القادمة من سورية، بذريعة "غوث النازحين"، كل ذلك أسهم في تأمين ملاذ للإرهابيين في عاصمة الشمال وسواها في الحقبة الفائتة.
لكن ما يثير الخشية اليوم، تمدّد هذه الخلايا إلى خارج المناطق التي كانت تشكّل الحاضنة لها، بدليل استخدامها لشقق سكنية في الأشرفية ومنطقة الضم والفرز في طرابلس وسواها، الأمر الذي يتطلب جهداً أمنياً مضاعفاً لتتبعها، وضبطها، كذلك لا يمكن لأحد تحديد وجهة سير العمليات الإرهابية في الأيام المقبلة، كما يرى المرجع، الذي يستبعد فرضية اغتيال شخصيات من فريق الثامن من آذار في المرحلة الراهنة، مرجّحاً استهداف الإرهابيين لمناطق مؤيدة لهذا الفريق، كجبل محسن على سبيل المثال، عازياً السبب إلى عدم صدور قرار سعودي بتصفية أحد من هذه الشخصيات.
ويؤكد المرجع أن طرابلس باتت بمنزلة مقر ومعبر للإرهابيين، لاسيما القادمين من سورية والعراق عبر الأراضي التركية، قبل انطلاقهم لتنفيذ المهمات الموكلة إليهم من قيادتهم الأقليمية، جازماً بعدم قدرة هؤلاء الإرهابيين على إعادة الفيحاء إلى زمن "صراع المحارو".
ويحذر المرجع من اتساع رقعة العمليات الإرهابية في الأيام المقلبة، لاسيما في "نجاحها" في ضرب الضاحية الجنوبية، وفرنسا، مؤكداً ان ذلك يحفز الإرهابيين على الإمعان في غيّهم، والقيام بالمزيد من هذه العمليات، خصوصاً في حال نشوءحلف دولي جاد في ضربهم والإجهاز عليهم، لأن ذلك يؤدي في الوقت عينه إلى استجرار تعاطف بعض الشارع الإسلامي السُّني لهم، بحجة أنهم يتعرضون لمظلمة، ما يسهم في تعزيز قوة التيارات التكفيرية، وتحفيزها على المضي في نهجها التخريبي