لم يشكل تأجيل جلسة محاكمة سجى الدليمي الى الثامن والعشرين من كانون الأول المقبل، مفاجأةً غير متوقعة بالنسبة للقانونيين الذين يتابعون مثل هذه الملفات أمام المحكمة العسكرية في بيروت، غير أن المفاجأة تمثلت ببروز نيّة بالتأجيل لدى هيئة المحكمة ورئيسها العميد خليل ابراهيم، وسط عدم تجاوب وكيل الدفاع عن الدليمي مع الإشارات التي أرسلها القاضي لفريق الدفاع منذ بداية الجلسة.
وفي هذا السياق، تقول المصادر القانونية المتابعة، "كان يجب على المحامي حنا جعجع أن يفهم وبسرعة أن العميد خليل ينوي تأجيل الجلسة عندما سأله إذا كان جاهزاً للإستجواب وإذا كان على اطّلاع تام بالملف الشائك والكبير، من دون أن يجبر رئيس المحكمة على تكرار السؤال عليه ثانية، خصوصاً أن المحامين وفي ملفات كهذه يعملون عادةً على تأجيل الجلسات، فكيف إذا جاء التأجيل من هيئة المحكمة".
التأجيل طبيعي ومتوقع، يقول العارفون بكواليس المحكمة، فالمدعى عليها الأساسية في الملف هي طليقة أبي بكر البغدادي، زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي، وهي التي أوردت "جبهة النصرة" إسمها على رأس لائحة السجينات الخمس اللواتي تشترط الجبهة على السلطات اللبنانية إطلاق سراحن مقابل الإفراج عن العسكريين المخطوفين الـ 16 المحتجزين لديها في جرود عرسال منذ الثاني من آب عام 2014. وبما أن طلب الإفراج عن السجينات الخمس، حظي بموافقة المفاوضين اللبنانيين في قضية العسكريين، وعلى رأسهم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، كل ذلك قبل أن توقف "النصرة" المفاوضات ثم تعود وتضيف الى الأفراج عن السجينات مطلبها القديم القاضي بإستعادة قريتي فليطة والمعرة الحدوديتين من "حزب الله" والجيش السوري، فلا يجب أن تصدر الأحكام بحق الدليمي، بما أن إسمها وارد في صفقة التبادل، لأن صدور أي حكم قضائي بحقها، سيسحب اسمها من صفقة التبادل على إعتبار أن السلطات اللبنانية إشترطت منذ بداية المفاوضات، ألا تشمل المقايضة أسماء سجناء محكومين، وأن تقتصر فقط على الموقوفين.
حال الدليمي، لا يختلف عن وضع جمانة حميد القضائي، إبنة عرسال التي ضبطت بالجرم المشهود بين اللبوة وعرسال في شباط من العام 2014 وهي تنقل سيارة "KIA" مفخخة بمئتي كيلوغرام من المتفجرات للإرهابي نعيم عباس. فإسم حميد وارد ضمن صفقة العسكريين التي لم تنفذ بعد، ومحاكمتها متوقفة بقرار من الأجهزة الأمنية بحجة تعذّر سوقها، إذ أنها لم تحضر حتى اليوم إلا جلسة واحدة أمام المحكمة العسكرية الدائمة، على رغم مرور عام وتسعة أشهر على توقيفها. تعذّر سوقها الى الجلسات، لم يكن يوماً بداعي المرض أو التمرد، تؤكد المعلومات، ولا بسبب وضع أمني مضطرب سببه التظاهرات في الشوارع. وبالتأكيد لم يأت نتيجة نقص لدى قوى الأمن في السيارات المخصصة لنقل السجناء. سبب تعذر السوق، هو قرار لم يعلن عنه، منذ أن نقلت حميد من سجن ثكنة بربر الخازن الى سجن المديرية العامة للأمن العام، بطلب من اللواء أبراهيم. قرار إبقائها من دون أحكام كي تبقى صالحة للمقايضة.
وإذا كان قرار تأجيل المحاكمة في قضية الدليمي التي سبق وأطلق سراحها من سوريا من ضمن صفقة الإفراج عن راهبات معلولا، شبيه بالقرار الرسمي الذي يسري على محاكمة حميد، فالإرهابي نعيم عباس يعمل على تأجيل جلسات محاكمته ولكن بقرار شخصي منه، لا من قبل المحكمة والسلطات اللبنانية، علّ هذا التأجيل الناتج عن تغيّب وكيل دفاعه عن الجلسات وتمسكه بوكالته له، يدخله بازار المقايضة فيخرج من السجن قبل صدور الأحكام بحقه، الأمر الذي تستبعده المصادر القضائية لسببين، الأول عدم مطالبة التنظيمات الإرهابية بإطلاق سراحه، والثاني، عدم قبول المفاوضين اللبنانيين بإطلاق سراح مجرم تلطخت يداه بدماء شهداء لبنانيين أبرياء.
في الخلاصة، يبقى ملفّ الرهائن اللبنانيين سيفًا ذي حدّين على الحكم والسلطات اللبنانية واللبنانيين على السواء بانتظار ما ستؤول اليه الخاتمة في هذا الموضوع في ظل كذب تنظيم "جبهة النصرة" الارهابي.